توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ارتهان لبنان سهّل التفريط في الحقوق والثروة!

  مصر اليوم -

ارتهان لبنان سهّل التفريط في الحقوق والثروة

بقلم: حنا صالح

عندما يصبح ارتهان البلد لمحور خارجي من عاديات الأمور، عند الفريق السياسي المفترض أنه صاحب القرار، وعندما تغطي الجهات المنتخبة قانوناً اختطاف الدولة بالسلاح، وتغول دويلة «حزب الله»، فيتم غرس الرأس بالرمال، والتزام الصمت حيال التمادي في التلاعب بقرار السلم والحرب، لحظة إرسال المُسيَّرة «حسان» لتخرق الحدود، مع كل ما يمكن أن ينجم عن ذلك من مخاطر على المصير الوطني وحياة اللبنانيين، يكون مخطط تلاشي السلطة وتجويف المؤسسات قد أطبق على لبنان، والقرار الوطني مغيّب عن مسرح الأحداث، فيمعن «حزب الله» في تجريد السلطة من دورها، غير عابئ بمتسلطين صغار!

في هذا التوقيت، اختار الرئيس ميشال عون جريدة «الأخبار» المقربة من «حزب الله»، ليعلن أن الخط 23 هو الحدود الجنوبية للبنان (...) ويضيف أن القصر استعاد ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، في تخلٍّ لافت عن الخبرة والمعرفة العلمية، وكل ذلك في إشارة لا تخفى على أحد، من أن الموقف الذي أبلغته بعبدا إلى الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين هو المعتمد، مع الموافقة على المعادلة الأميركية الجديدة؛ خط متعرج يضمن «الحقوق والحقول»، في تجاوزٍ لـ«اتفاق الإطار» الذي يحمل توقيع هوكشتاين والرئيس بري!
ربما أراد عون على مسافة أشهر قليلة من نهاية عهد الخيبة والانحطاط ودمار لبنان، أن يسجل «انتصاراً» شخصياً في ملف التفاوض لترسيم الحدود، في زمن انحسار دور الرئاسة ووهجها، نتيجة أدائها الفئوي الباهت، فينعكس الأمر إيجاباً على تياره البرتقالي. لذلك قفز فوق الرسالة التي تم إرسالها إلى الأمم المتحدة حول الخط 29 التي لم ترفق لا بتوقيع تعديل المرسوم رقم 6433، المتعلق بحدود المنطقة الاقتصادية الخاصة جنوباً، ولا بطلب سحب الرسالة حول الخط 23، وأدخل القصر ملف الترسيم البحري مع إسرائيل، في «بازار» التفاوض مع الأميركيين، واعتبار الأمر بمثابة الفرصة التي ينبغي استغلالها، من أجل تسهيل رفع العقوبات الأميركية عن صهره جبران باسيل!
ويبدو أن قناعة الرئاسة راسخة بأن هذا التنازل الذي يحمل تخلياً عن ثروات غازية ونفطية تعود للبنانيين، يمكن أن يفتح نافذة الرئاسة أمام صهر الرئيس لوصوله إلى بعبدا! ومعروف أن عون عمل منذ انتخابه من أجل هذا الهدف، هذا مع العلم بأن العقوبات الأميركية ليست وحدها ما يعيق مخطط التوريث! والأمر الأكيد - وفق كل الخبراء - أن الخط المتعرج لتقاسم ما هو تحت الماء، يلبي المصالح الإسرائيلية؛ حيث تستعجل تل أبيب تلزيم البلوك رقم 72 بعدما عطل المفاوض اللبناني ذلك. كما يخدم المصالح الأميركية التي تولي أهمية لتقديم «رشوة» لإسرائيل من حساب اللبنانيين، على حساب تسارع العد العكسي للاتفاق النووي!
لقد ردد عون أنه صاحب القرار الأخير في موضوع ترسيم الحدود البحرية، والقصر هو مرجع التفاوض بكل ما يتعلق بهذا الملف. والأمر العجيب أن مسألة بهذه الخطورة، بدأت مع إعلان الرئيس بري صيف عام 2020، أنه بتّ مع الجانب الأميركي «اتفاق الإطار»، إلى ما صدر عن بعبدا، لم يجد المعنيون من ضرورة لطرح الأمر على السلطة الاشتراعية، ولا على السلطة التنفيذية! رغم أن الأمر أكبر بكثير من الصلاحية الشخصية لأي مسؤول، أياً كانت رتبته. وعليه، منذ امتناع عون عن توقيع تعديل المرسوم 6433، تُرك الجيش وحيداً في واجهة التفاوض، متمسكاً بالخط 29 الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً!
الملاحظ أن رئيس الجمهورية لم يكتفِ بقرار التنصل من الخط 29، وهو التاريخي والقانوني والشرعي، فقد أعلن دحض الدراسات التي أُجريت لاعتماده، وقال إنه جرى اعتماده للتفاوض ليس إلّا! بينما الدراسات التي تم اعتمادها هي اتفاقية «بوليه – نيوكومب» لعام 1923 العائدة لترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين، واتفاقية الهدنة لعام 1949 بين لبنان وإسرائيل، واتفاق الخط الأزرق مع إسرائيل في عام 2000، إلى دراسات الترسيم البريطانية في عام 2011، ليبدو الموقف الرئاسي في موقع توريط الوفد العسكري المفاوض، ومعه قيادة الجيش وقائده الذي أبلغ الموفد الأميركي أن الجيش يلتزم ما تعلنه السلطة السياسية.
لكن الموقف الرئاسي لم يمر مرور الكرام، فكشف رئيس الوفد العسكري العميد الطيار بسام ياسين عن موافقات سابقة من جانب عون على ملف التفاوض، وحذّر من خطورة تراجع لبنان عن الخط 29؛ لأن لبنان سيخسر حقه الكامل في حقل «قانا»، ويُمنع من المطالبة باقتسام حقل «كاريش»؛ بينما لفت الانتباه موقف رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي طالب بـ«يقظة ضمير تعيد الالتزام بالخط 29 كحدود للمنطقة الاقتصادية الخالصة»، ومؤكداً أن «التاريخ لن يرحم»! أما الجنرال المتقاعد ميشال معيكي فرأى أن «التنازل عن مترٍ من بحرنا، خيانة عظمى؛ ومن يدافع عنه يكون خائناً مثله»!
وحده جبران باسيل الذي قيل مرة أنه التقى الموفد هوكشتاين في المطار، وثانية في الدوحة، وثالثة في ميونيخ، بدا مستعجلاً التفريط في الحدود والثروة، قناعة منه بأن هدر حقوق لبنان واللبنانيين يوازي حلمه برفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وفق قانون «ماغنيتسكي» بتهم الفساد وإفساد الحياة السياسية ومحاباة «حزب الله» وتغطية سلاحه وممارساته، فسارع إلى تبرير موقف القصر، فقال: «بغض النظر عن مسألة الخط 23 أو 29 أو خط هوف، مسألة الترسيم ليست فقط فوق المياه؛ بل ما هو تحتها (...) إذا لم يكن تحت الماء (ثروة) فلا بأس في غضِّ النظر عنها؛ لأنها تفقد قيمتها. هيدي مش حدود برية، هيدي حدود بالمي»!
كل المسار الذي بدأ منذ عام 2007، أي قبل 15 سنة لا يشي بأن المنظومة المتسلطة يمكن أن تؤتمن على الثروة، وهي ما زالت تستبيح المال العام، وتواصل السطو على الودائع، وهي مال خاص.
والمنطقة التي تتجاوز 1400 كيلومتر من المياه الاقتصادية الخالصة التي جرى إبلاغ المفاوض الأميركي بالتنازل عنها لإسرائيل، تحتوي على ثروات تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار! تمت التضحية بها من جيوب اللبنانيين، بما يمثل تنازلاً توافقت عليه منظومة السلطة و«حزبها»، مقابل ضمان استمرارية نظام المحاصصة الغنائمي! وكل المزاعم، أن هذه الخطوة تقرب لبنان من الانتقال إلى مرحلة تحول لبنان دولةً نفطية، هراء بهراء، وحديث فارغ مع سلطة الفساد والمحاصصة والارتهان الحالية.
إن الخطر سيكون محدقاً بالثروة، وقد شاهد الناس النماذج عندما يُشاع أن بلوكات الجنوب من حق الثنائي الطائفي: «أمل» و«حزب الله» (...)، بينما بلوكات الوسط من حق باسيل (...)، فالأجدى أن يتأخر الترسيم، ويبقى الغاز والنفط في جوف البحر لحمايته إلى حين قيام سلطة مستقلة نزيهة وشفافة تحمي الحقوق وحدود الثروة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارتهان لبنان سهّل التفريط في الحقوق والثروة ارتهان لبنان سهّل التفريط في الحقوق والثروة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon