توقيت القاهرة المحلي 21:39:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حزب الله» يخوض معركة تكريس الاستتباع!

  مصر اليوم -

«حزب الله» يخوض معركة تكريس الاستتباع

بقلم - حنا صالح

غداة الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، كان واضحاً أنها لم تكن للانتخاب بل كانت للإقصاء. إقصاء المرشحَين فرنجية وأزعور على حدٍّ سواء، ليدخل لبنان بعدها زمن تفاقم الفراغ و«أبشر بطول إقامة يا شغور»! في ذلك التوقيت كانت الأندية السياسية تشي بأن انتخاب الرئيس آتٍ لا محالة قبل استحقاق 31 يوليو (تموز)، موعد الشغور في حاكمية مصرف لبنان، وما صار بعد الجلسة بدأ يتناول معضلة الشغور في قيادة الجيش في عام 2024 عند إحالة العماد جوزيف عون إلى التقاعد! أي لا رئيس في المدى المنظور!

يستثمر «حزب الله» بالشغور الرئاسي والفراغ في السلطة وتجويف المؤسسات لشلها وإفراغها من دورها لفرض مخططه. لذلك ما يواجهه لبنان أبعد من أزمة شغور تتكرر بشكلٍ مبرمج منذ نهاية ولاية إميل لحود في عام 2008. كان النائب محمد رعد صريحاً أمام الموفد الفرنسي بالمطالبة بـ«ضمانات» للدويلة، تمنح حزبه ما يراه كمرجعية تؤهله لأن «يكون شريكاً فعلياً في الحكم»! وترجمة ذلك تفترض تضمين الدستور التنازلات التي انتزعت في الدوحة وما بعدها، من «ثلث معطل» أي «فيتو» على السلطة، إلى بدعة «التوقيع الثالث» التي تجعل وزير المالية «سوبر وزير» يتقاسم مع رئيس الحكومة صلاحياته الدستورية!

يُراد من هذه «الضمانات» إحكام الهيمنة وفتح الباب لتشريع السلاح اللاشرعي، وتشريع مؤسسات موازية أُنشئت كأمر واقع؛ مالية واقتصادية وقضائية وأمنية وتربوية... ويرى «حزب الله» أن المعطى اللبناني يوفر له في ظروف الخلل الوطني في موازين القوى، فرصة مثالية لفرض المثالثة في السلطة، وما يمكن أن ينجم عنها من تغيير ديموغرافي يكرس اقتلاع البلد ونهائية استتباعه! والأكيد أن أصحاب هذا المخطط مطمئنون لركاكة «معارضة» نظام المحاصصة التي «تقاطعت» ظرفياً مع التيار العوني ما أعاد تلميع صورة جبران باسيل!

أمام هجمة «الحزب» الذي قدم نفسه «داعية حوار»، يتقدم فراغ مطلق. لا رؤية ولا مبادرة ولا خطة بديلة، واستسلام كامل أمام إدارة فئوية للشأن العام ومصالح البلد وحقوق المواطنين. لكن على قاعدة «أنا موجود» يكرر بعض «معارضة» النظام ومن التحق بها، إسطوانة مخروقة تعلن عن خريطة طريق، هي «الإسراع في انتخاب رئيس سيادي إصلاحي يدعم تشكيل حكومة إصلاحية تنفذ بنود الاتفاق مع صندوق النقد»! إلى رفض طروحات «الثنائي المذهبي»! فيتناسى أصحاب هذا «الإبداع» أن دورهم هو التشريع فتقمصوا دور المحلل السياسي! ولا يكلفون أنفسهم عناء إفهام الناس كيف وبأي أدوات وبأي ميزان قوى ستنفذ خريطة الطريق هذه؟ ويبلغ الخداع ذروته بإطلاق صفات الإصلاح والإنقاذ، والمرشح المقترح للرئاسة، يوازي قراراً مبرماً بالعفو عن الجرائم المالية والإفلات من العقاب والقضاء على أي أمل باستعادة الودائع!

على أرض الواقع تتكرس أعراف تمكن «موالاة» النظام من ممارسة التسلط كيفما شاء. فبدءاً من قراءة «معارضة» النظام للدستور التي تقول بأن البرلمان هيئة انتخابية لا عمل لها قبل انتخاب الرئيس، يتم تعطيل التشريع. هذه القراءة غير ثابتة فقد رفضها الرئيس حسين الحسيني والنائب إدمون رزق وسواهما ممن كانوا أبرز الذين اشتغلوا على صياغة وثيقة الوفاق الوطني والتعديلات الدستورية! والتمسك بها يصب في طاحونة مخطط تجويف المؤسسات وشل السلطات، فيتعامى أصحابها عن تداعيات خطيرة مرتبطة بهذا الأداء الذي يتمثل بإدارة الظهر لعناوين من واجب نواب الأمة حملها دفاعاً عن الشأن العام وقضايا المواطنين.

على سبيل المثال لا الحصر 3 قضايا دهمت مؤخراً حياة الناس ومصالحهم ومستقبل البلد ومصيره وإمكانية ردع المخطط الإجرامي الاقتلاعي، تعاملت معها «معارضة» النظام مثل «موالاته»، بإدارة الظهر أو انتقاد «تويتري»، وهي أولاً: حجب «التدقيق الجنائي» في وضع مصرف لبنان بقرار من بري وميقاتي ووزير المال بالاتفاق مع رياض سلامة! ثانياً: تقرير صندوق النقد الذي يتهم السلطة بتوزع الأدوار لتعطيل الإصلاح، وكشفه استمرار النهب عبر «صيرفة» ونقل الأموال إلى الخارج تعميقاً للإفقار، ليحذر من أن القوى التي سطت على الودائع تخطط لوضع اليد على أصول الدولة! وإذا ما أضفنا تلاعب سلامة بميزانية المصرف المركزي للتخلص من خسائر رتبتها سياساته المالية، بنقل خسائر بلغت 42 مليار دولار إلى دين على الدولة يتعذر معها انتشال البلد! وثالثاً: موقف لا أخلاقي تمثل بامتناع لبنان عن عدم الموافقة على الآلية الدولية لكشف مصير المفقودين اللبنانيين... وهناك المئات منهم!

مفهوم أن تكون قوى نظام المحاصصة على توافق موضوعي حيال القضايا الواردة أعلاه، فهم شركاء في السياسات التي أذلت اللبنانيين بتبديد المال العام والودائع وتغطية اختطاف الدولة ومصادرة قرارها وتهجير الكفاءات والشباب... لكن لا عذر لنواب تم انتخابهم على لوائح قوى ثورة «17 تشرين»، وآخرين مستقلين انتخبوا للمرة الأولى، وليسوا جزءاً من نهج الصفقات والمكاسب، الذي يجمع «الأضداد» المفترضين! فنواب التغيير الذين حملتهم لوائح نالت نحو 400 ألف صوت، تعادل مجموع أصوات أحزاب «القوات» و«الكتائب» و«الاشتراكي» و«التيار العوني»، كان وما زال واجبهم تحويل البرلمان إلى منصة فضح لهذه السياسات وإدانة لأبعادها الخطرة وما سيترتب عليها وتعرية منظومة النهب والارتهان تأسيساً لبدء المساءلة والمحاسبة... إلى تقديم مشاريع تشريعات بديلة، بعد كشف الوقائع أمام الناس لاستعادتهم إلى الفعل السياسي، لأنه بذلك يتم قطع الطريق على استسهال «حزب الله» الاستثمار بالشغور والفراغ!

«القدرة على إدارة الأزمات مرتبطة بالقدرة على صناعة المستقبل واستشرافه». ما يراه الفيلسوف «اريك هوفر» يفترض وجود رجال دولة، لكن لبنان افتقدهم منذ تسلّط عليه تحالف سياسي مصرفي ميليشيوي ارتهن البلد وعجل استتباعه مقابل مكاسب فئوية طائفية ضيقة. إنهم خليط استبداد انعدمت لديه أي رؤية للمستقبل ورافض ومقاوم لأي حل لأنه يمس المصالح الخاصة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» يخوض معركة تكريس الاستتباع «حزب الله» يخوض معركة تكريس الاستتباع



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon