توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: انتخابات مايو... هل تطيحها ذرائع «تقنية»؟

  مصر اليوم -

لبنان انتخابات مايو هل تطيحها ذرائع «تقنية»

بقلم: حنا صالح

خمسة أيام هي المهلة الفاصلة عن إقفال باب الترشيح للانتخابات النيابية التي حُدِّد موعدها في الخامس عشر من مايو (أيار) القادم، أي بعد 65 يوماً. بالمبدأ هي انتخابات مفصلية بعد عهد الانهيار والمجاعة واقتلاع البلد وتسبب «حزب الله» في القطيعة مع الخليج، يليها بعد أشهر الاستحقاق الرئاسي الذي يستقطب كل الصراعات السياسية، لما لموقع رئاسة الجمهورية من تأثير على المسار العام والسياسات التي يمكن للبنان أن يتبعها.

كل المظاهر التي توحي بقرب الاستحقاق الانتخابي غائبة، إلاّ من حملات قوى التغيير «التشرينية»، لخوض أول انتخابات طرفاها معارضة جدية وسلطة، قوى تغيير جديدة من جهة، ومن الجهة الأخرى تحالف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي. ورغم أن قوى التغيير مستجدة عموماً في هذه الحملات فقد حرّكت المياه الراكدة، مع شعارات تكاد تكون موحدة تتمحور حول استعادة الدولة المخطوفة بالسلاح، إلى محاسبة الناهبين الفاسدين بإرسالهم إلى القضاء واستعادة المنهوب وتدفيعهم الثمن، وفرض حكومة مستقلة تقود فترة انتقالية لبدء انتشال البلد ورفع حصار «الممانعة» عن رقاب أهله.
في المقابل تكثر الأحاديث الاستهلاكية، رئاسية وحكومية وسياسية، من نوع التصميم على إجراء الانتخابات في موعدها، وأن العملية استحقاق دستوري لا يمكن القفز فوقه، مع أن التاريخ القريب يزخر بالشواهد والأدلة على الإمعان في اختطاف وكالة المقترعين وحجز أصواتهم وفرض التمديد للمجالس النيابية من دون أي مبرر.
وخلافاً للتقاليد الانتخابية، لا مظاهر توحي بأن لبنان يستعد فعلياً لهذا الاستحقاق، الترشيحات متواضعة، والحملات لتوزيع الصور واللافتات منعدمة، كما أنه ما من جهة فتحت مكاتب الدعاية الانتخابية لشحن الأنصار. كذلك ما زالت بيوت السياسيين التي لا تُفتح أمام العامة إلاّ في المواسم الانتخابية مقفلة حتى بوجه المقربين، كما أن الرشى شحيحة التي تبدأ بتسخير إمكانيات السلطة مثل المساعدات العينية، إلى حملات التزفيت وإنجاز إصلاحات لشبكات الطرق والمياه. فضلاً على تأجيل البطاقة التمويلية الهزيلة والمهينة التي لا تؤمّن للفرد أكثر من 25 دولاراً، والتي أُطلقت قبل ما يزيد على السنة والنصف، وتحول مشروعها إلى رشوة انتخابية، يتم تباعاً إرجاء تنفيذها حتى يكون لها الفعل المرتجى عشية الانتخابات!
ما يجري من جانب الطبقة السياسية يشير إلى أن ثمة اطمئناناً بأن الانتخابات برسم التأجيل، والأعذار «التقنية» من عدم توفير موازنة للانتخابات وصرف تكاليف عمل لجنة الإشراف عليها وضعف لوجيستي ما يبرر هذا المنحى. وتحت عنوان تأمين الظروف لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي، أعاد رئيس الجمهورية، متأخراً عدة أشهر، طرح اعتماد «الميغاسنتر»، أي تمكين المقترعين من الانتخاب في مكان إقامتهم، خصوصاً أنه مع ملامسة سعر صفيحة المحروقات الحد الأدنى للأجور، ستكون نسبة الاقتراع متدنية فتشكلت لجنة وزارية للبحث في التكلفة والإمكانية اللوجيستية!
من أول الطريق كانت الدعوة للتأجيل فيعلن وزير السياحة عضو اللجنة: «لنكن صادقين مع المواطنين ولنؤكد أن الانتخابات ستجري وإذا كنتم عاجزين لنصارحهم ونقول لتتأجل الانتخابات لفترة لتأمين ما تعذر تأمينه»! وليس وزير السياحة المقرب من عون الوحيد في هذا الطرح، فقبله كشف المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، أنه طلب توزير بديل عن الوزير قرداحي لأن الحكومة قد تنتقل إليها السلطة إن لم تتم انتخابات رئاسية! ما يعني أنه لا انتخابات نيابية لأنها لو تمت فالحكومة تستقيل تلقائياً!
طبعاً للبنانيين مع فصول الانتخابات تاريخ طويل من التجارب المرة، والانتخابات هذا العام مغايرة لسابقتها التي جرت في عام 2018 في مستهل العهد الرئاسي الحالي وفي ظل «تحالف» سلّم قرار البلد إلى «حزب الله» مقابل حصص حكومية ومحاصصة حزبية في المقدرات! لا تمكن مقارنة الانتخابات اليوم بالسابق، فليس بسيطاً اضطرار الحريري الذي كان يمنّي النفس بالبقاء في السراي إلى تعليق عمله السياسي وتياره ترشيحاً واقتراعاً فيما تيار الرئاسة الذي يحضر باسيل للخلافة لم يعد له حلفاء فارتمى أكثر في حضن الثنائي المذهبي «حزب الله» و«أمل» رغم العداوات الشديدة بين عون وباسيل من جهة وبري من الأخرى!
معاناة شعبية أصابت كل أطراف نظام المحاصصة الطائفي. قالت الإحصاءات التي يجري تداولها إن تراجع الفريق الرئاسي يصل إلى 50%، وأقل بقليل فريق الحريري، لكن جديد الأرقام يُظهر أن التراجع أصاب الثنائي المذهبي بما لا يقل عن 30%، وليس بوسع جنبلاط ومثله جعجع الحفاظ على كتلته. واللافت أن عمليات قياس الرأي قالت إن الذين ابتعدوا عن التحالف المتسلط سيدعمون لوائح قوى التغيير، مع الانتباه إلى أن الاستطلاعات نبّهت إلى أن وجود لوائح موحدة يمكن أن يحقق «تسونامي» انتخابياً!
بمعزل عن نسبة الخطأ في الإحصاءات، ليس سهلاً على عون الذهاب إلى الانتخابات وهو يعرف حجم التراجع الذي أصاب فريقه، والدليل اختصار الترشيحات وتمرد المبعدين من اللجنة النيابية. ومقلق جداً للطرف الأول في السلطة «حزب الله»، تحرك قوى التغيير بثقة كبيرة، من الجنوب إلى بعلبك، فتزداد خشيته من تكرار التجربة العراقية، فيتقزم غطاؤه الطائفي ولا يعود سهلاً الادعاء أنه يمتلك غطاءً شرعياً لسلاحه!
هذه المتغيرات ارتبطت بثلاثة عومل كبيرة؛ الأول ثورة «17 تشرين» التي جاءت رداً على انهيارات قلبت حياة اللبنانيين، وشكّلت أعمق ثورة ظهّرت الانقسام بين أكثرية قالت للمتسلطين «حقوقنا عندكم وستدفعون ثمن الارتكابات»، يقابلها نظام المحاصصة الفاسد. الإفلاس والمنهبة العامة والتهريب عبر الحدود المستباحة، وما نجم من انهيارات، لم تكن صدفة بل عملية مبرمجة منظمة طويلة، والنتيجة أن التسوية تصدعت وسقطت حكومة الحريري، وعجز «حزب الله» عن المضي بممارسة السلطة من وراء الستار، فتقدم الصفوف مخوّناً الثوار. لكن بلوغ جغرافيا الفقر ما كان يعدها «بيئة آمنة»، بيّن أنه لن يكون بمنأى عن الحساب!
العامل الثاني الكبير كان جريمة تفجير بيروت، وما أعقبها من تداعيات، مع هجوم السلطة لحماية المدعى عليهم بجناية «القصد الاحتمالي بالقتل»، والدفاع عن الحصانات، وحماية نظام الإفلات من العقاب، والقفز فوق الإبادة العامة وترميد قلب العاصمة!
وتمثل العامل الثالث في اختطاف الدولة واقتلاع لبنان خدمةً لحكام طهران، ما تطلب تحويله منصة عدوان ضد العرب واستهداف المجتمعات الخليجية بالسموم، فكان التسبب في القطيعة والعزلة وإطباق طهران عبر حزبها الحصار على اللبنانيين والضرب بمصالحهم عرض الحائط!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان انتخابات مايو هل تطيحها ذرائع «تقنية» لبنان انتخابات مايو هل تطيحها ذرائع «تقنية»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon