بقلم: نشوى الحوفى
هل يمكن أن يخرج اليوم علينا دكتور عصام حجى، العامل فى ناسا، الذى اكتشفنا نشاطه السياسى بعد ثورة يناير 2011، ليبرر لنا ما يحدث فى ولايات بلاده الأمريكية التى يتيه بها إعجاباً ومقارنة بيننا وبينها ليل نهار، فيحدثنا عن علمهم وتقدمهم والتنبؤ بالمستقبل والإعداد له ويقارنهم بحالنا الناقم عليه، واتهامنا بالجهل والفشل؟
هل يمكن أن يشرح لنا، نحن الفقراء إلى الله، كيف للدولة الأمريكية التى تحمل الترتيب الأول فى اقتصاد العالم أن تكون ديونها أعلى من ناتجها القومى بفارق 2 تريليون دولار، الناتج القومى الأمريكى 19.2 تريليون دولار، بينما ديونها 21.6 تريليون دولار؟
هل يمكن أن يُفهمنا، نحن الجُهال، كيف لدولة العلم والتكنولوجيا الحاوية لعقول أمثاله من النوابغ أن تعانى العجز فى النظام الصحى بها إلى حد عدم القدرة على مواجهة جائحة فيروس كورونا التى تجتاح العالم، فلا تستطيع توفير سبل الكشف والعلاج للمصابين فيها الذين لا يتجاوزون حتى لحظة كتابة مقالى هذا 100 ألف من بين 327 مليون مواطن؟
هل يمكن أن يجيبنا لماذا تحرص أمريكا على أن تكون الأولى عالمياً فى امتلاك السلاح وتصديره وتصنيعه، رغم عدم وجود ما يهددها داخلياً، فهى المحمية بحكم الجغرافيا وقد كان أقصى خطر تعرضت له هجوم بيرل هاربر فى الحرب العالمية الثانية، بينما لا تملك أجهزة تنفس صناعى تكفى لمرضاها المائة ألف، إلى حد إعلان رئيسها يوم الجمعة سعيه لشراء تلك الأجهزة اليوم؟
هل يمتلك «حجى» -الناقد لشراء مصر سلاحاً يمكّنها من حماية نفسها- تفسيراً للمفارقة المبكية بين إنتاج هوليوود لعشرات الأفلام منذ التسعينيات عن الفيروسات والحروب البيولوجية وطرق مواجهتها، بينما لم تفكر إدارة بلاده الأمريكية فى الاستعانة بأحد سيناريوهات أفلامها بأجهزة تنفس صناعى تكفى ولو ربع سكانها؟
هل يمكن أن يوضح لنا المختال بمشهد وقوف حاكم أقوى دولة فى العالم وقت إعلان «ترامب» للطوارئ فى أمريكا خلف أطباء إدارته ورئيس مركز الأوبئة الأمريكى، طالباً منا وعى الدرس وإدراك سبب تحكم أمريكا فى العالم، لأنها تتحكم فى العلم قبل الأسلحة، هل يمكن أن يوضح لنا «حجى» عما إذا كان هذا المشهد السينمائى قد نجح فى إنقاذ آلاف المواطنين الذين يعانون المرض وأعراضه المؤكدة؟ هل راجع «حجى» أداء الرئيس الأمريكى فى الأزمة ومدى نجاحه فى إدارتها، أم ما يعنيه المظاهر فقط؟ هل أدرك «حجى» أن الرئيس الأمريكى تراجع عن عدائه للصين وعاد اليوم يطلب تعاونها، بينما هو من كبّد بلاده والعالم خسائر أضرت بحركة التجارة العالمية وتراجع نموها قبل الفيروس الذى سماه «ترامب» بالفيروس الصينى؟
هل سيحاسب «حجى» بصفته مواطناً يحمل الجنسية الأمريكية إدارة بلاده عن الأضرار التى تسببت فى انتشار الفيروس وعدم تعاملها بجدية معه منذ اللحظة الأولى؟ هل سيكتب عن ذلك الاجتراء على العلم، حينما طالب الرئيس الأمريكى شعبه بعدم الاهتمام بالفيروس لأنه غير ذى أهمية؟ هل سيعتذر «حجى» عن ترويجه لمقال «الجارديان» المعتمد على بحث كندى رُفض نشره فى المواقع العلمية، لأنه لا يستند إلى حقائق مثبتة عن حجم الإصابات بالفيروس فى مصر؟ هل سينتقد صحيفة «الجارديان» البريطانية، لأنها نشرت البحث دون الأخذ بالأسباب العلمية التى يحدثنا عنها ليل نهار ويعاير نقصها لدينا كل تغريدة؟
لا أظن أن «حجى» يمتلك من الحياد ما يمكّنه من الاعتراف بالخطأ فى حق العلم الذى يمثله أو فى حق بلاده التى يعارضها دوماً دون أن يكون له أثر لنفعها. ولا عزاء لمغيبين ما زالوا يسيرون وراءه نياماً.