بقلم - نشوى الحوفى
ربما أنت غاضب من ارتفاع الأسعار، وغلاء بات يشوى الجيوب، ومعك حق، نحتاج لرقابة وإنتاج. وربما أنت حانق على فساد لا ينتهى، وأداء مؤسسات غير مدركة لعدم امتلاكنا رفاهية الخطأ، ووجوه فقدت كل مصداقية فى تبرير تراجع فعلها، ومعك كل الحق، فقد كفرنا بالجهل والسرقة والفشل، ونحن نتساءل: متى نتخلص من كل ما سبق؟ ولكن أطلب منك -فى كلماتى هذه- أن تتركنى أعبّر لك عن أسباب امتنان لرئيس جاءت أقدارنا معه فى فترة حالكة المصاعب فى تاريخ بلادى، وتثبت الأيام والحوادث كيف عبر بنا، بحق، أزمات كان من وضعها فى طريقنا يظن أن لا مخرج منها. وكيف بنى، فى قلب الانهيار حولنا، أسساً لنهضة وطن لم يفقد فقط على مر السنوات بنيته، ولكنه فقد أيضاً بُناته.
امتنانى لرئيس بلادى وأنا أتذكر صفحات الإعلام الأمريكى تتساءل، فى 2014 نصاً: «من أين سيمول الجنرال مشروع حفر قناة السويس» -بعد تراجع الدعم العربى بأوامر واشنطن- ويلوّح الأمريكان بمبلغ 20 مليار دولار، تدفعها السعودية مقابل المسافة من رفح الفلسطينية إلى بئر العبد على الساحل فى سيناء، لإقامة دولة فلسطين! ويصمت المدرك لأبعاد المؤامرة، ويعلنها يوم افتتاح الحفر، 5 أغسطس 2014: سنموّل قناتنا بأموالنا، فى رد غير مباشر على رسالة قبيحة.
امتنانى لرئيس بلادى وأنا أتذكر كلماته عقب سقوط الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ، نوفمبر 2015، وهو يردد: مصر لن تركع، بينما تسحب روسيا 73 ألف سائح روسى فى 48 ساعة، وبينما توقف أوروبا وأمريكا رحلاتهما السياحية. وهو يسعى لتجاوز أزمة يدرك أن سببها صمودنا وعناده وإصراره على العبور بنا، وحماية الحدود الجغرافية الأربعة لمصر، والاستراتيجية فى ليبيا وسوريا والعراق والأردن وأفريقيا، وحتى السعودية.
امتنانى لرئيس بلادى وأنا أتابع اقتصادنا يعلن الإنذار رافعاً لوناً أحمر، والعالم يرتقب ويحلل، وينشر بيانات الغد المقبل بموتنا لا محالة، بينما هو يُصر -بصمت غامض- على إعلان تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 للمرة الأولى فى حياتنا، رغم خطورة انفجار غضب شعبى حذر منه الجميع. ولكنه كان يراهن على صبرنا، ويعمل لصالح بلادى، وإن فقد شعبية، بينما يفتقد أدوات صناعة الوعى فى ظل إعلام عالى الضجيج قليل الطحن.
امتنانى لرئيس بلادى وأنا أستمع لكلمات رئيس شركة إينى الإيطالية المنقبة عن الغاز، وكلمات رئيس شركة سيمنز المنشئة لمحطات الكهرباء، ومدير شركة هينر كريشت الموردة لحفارات الأنفاق، وغيرهم، وهم يتحدثون بمنطق عن رجل جعلهم يفعلون المستحيل فيما حدده من توقيت، بصمت، وربما بألم أو ضيق، بحثاً عن إجابة سؤال: كيف يعبر الطريق بـ100 مليون نسمة؟
امتنانى لرئيس بلادى، بينما الواقع العربى مؤلم، متخاذل، أهوج، وربما خائن، باع ملفاته الوطنية، فيما يصر الرئيس على حماية أرض وشعوب، ويستشعر -رغم كل ما يحدث- المسئولية عنها، فبلادى وتد خيمة المنطقة. ويدرك أن ضميره لن يغفر له سقوط دولة جديدة، فيحمى حتى من لا يدرك أنه فى موضع خطر ضد مطامع شقيق، ومطامع جيران، ومطامع من ورث العالم منذ 1945.
امتنانى بالكثير للمشير عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، وأدرك بالتاريخ حجم ما يقوم به، رغم كل ما يغضبنا.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع