بقلم - نشوى الحوفى
لم تكن متابعة بيان وزارة الدفاع الروسية حول حادث سقوط الطائرة الروسية «إيل 20» فوق اللاذقية بسوريا ليلة 17 سبتمبر الجارى، ومقتل 15 من الجنود الروس، كاشفة للقبح الإسرائيلى الذى لن يتغير وحسب، ولكنها كانت كاشفة لتفاهمات تجرى على الأرض السورية بين مختلف القوى، وإن تاجرت بالدين أو الحريات أو حقوق الإنسان. ودعونا نفنّد أخطاء إسرائيل وفقاً للبيان الروسى.
الخطأ الأول: تمثل فى كذب إسرائيل فى البلاغ العسكرى، الذى أخبرت به القوات الروسية فى الساعة 11 و39 دقيقة من ليلة السبت 17 سبتمبر 2018، فبينما قال البلاغ الإسرائيلى إن طائراته الأربع طراز إف 16 ستتوجه للشمال السورى لضرب منشآت صناعية سورية خلال الدقائق المقبلة، قامت الطائرات الإسرائيلية بتوجيه الضربات بالقنابل بعد دقيقة واحدة لمواقع فى محافظة اللاذقية السورية فى الغرب السورى، بينما كانت تستعد طائرة استطلاع روسية من طراز «إيل 20» وعليها 15 عسكرياً روسياً للهبوط، وهكذا كذبت إسرائيل على روسيا، لأنها ضربت منشآت فى اللاذقية، وليس فى أدلب!!
الخطأ الثانى: تعدى حدود الكذب ووصل لحد الانتهاك لاتفاقية روسية إسرائيلية وُقعت سنة 2015 تنص على تنسيق الأعمال العسكرية بين الجانبين فوق الأرض السورية لمنع وقوع حوادث تصادم بين الجانبين! ودلل الجانب الروسى على هذا الخطأ بأن روسيا أخبرت إسرائيل بعدد 310 إخطارات عسكرية، بينما لم تخبر إسرائيل روسيا سوى بعدد 25 إخطاراً فقط!
الخطأ الثالث: امتد التضليل والانتهاك الإسرائيلى إلى دفع الطائرة الروسية -التى كانت على وشك الهبوط- لأن تكون فى مواجهة نظام الدفاع الصاروخى السورى -الذى أسست له روسيا- وناورت مقاتلات إسرائيل إف 16 متعمدةً لتجعل من الطائرة الروسية هدفاً لنظام الدفاع السورى، بدلاً منها حتى لحظة سقوطها، ثم عادت لقواعدها بـ«استهتار إجرامى»، على حد وصف البيان.
الخطأ الرابع: جحود إسرائيل تجاه كل ما قدمته روسيا لها فى السابق -على حد وصف البيان- فروسيا قامت بتخفيض التصعيد العسكرى فى الجنوب الغربى السورى لحماية الأمن الإسرائيلى فى هضبة الجولان، ومنحت قوات حفظ السلام القيام بدورها فى المنطقة لمنع قصف إسرائيل من مرتفعات الجولان، وتفاوضت مع إيران بطلب إسرائيلى لسحب السلاح الثقيل مع الجماعات الموالية لإيران فى المناطق المتاخمة لهضبة الجولان، حتى إن إيران أعلنت أنها لا تعتبر تصعيد الوضع فى المنطقة أمراً مقبولاً، ولا توجد لديها أية نوايا عدوانية تجاه إسرائيل، وتم نتيجة ذلك انسحاب جميع القوات الموالية لإيران، وأسلحتها الثقيلة من مرتفعات الجولان إلى مسافة آمنة لإسرائيل، وهى 140 كيلومتراً شرق سوريا، «يا ما شاء الله».
كما قامت روسيا بإعادة دبابة إسرائيلية لإسرائيل كانت محتجزة فى لبنان من سنة 1982 بالإضافة لعدد من الجثامين الإسرائيلية!
وهكذا يا سادة نكتشف من البيان كيف ضاعت سوريا للأبد بين قوى تكالبت وسيطر كل منها على ما يريده بدعاوى كاذبة. إسرائيل أرادت توجيه الضربة لروسيا لتهذيبها على منظومة الصواريخ «الصديق - العدو»، التى منحتها لسوريا، وتناست العطاء الروسى المتفق عليه بشكل فردى، أو بإيعاز أمريكى «لا يهم». وإيران لا توجد لديها أى نوايا عدوانية مع إسرائيل طالما ضمنت الوجود فى دمشق ممرها إلى لبنان. وروسيا تسيطر على أغلب المساحة فى ظل قاعدتين: «جوية» فى حميميم، و«بحرية» فى طرطوس. وأمريكا توجد فى أماكن النفط السورى، وتركيا قايضت حلب بإدلب والشمال السورى. وسوريا باتت دولة منزوعة السيادة.
فهل فهمنا حجم ضياعنا؟
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع