توقيت القاهرة المحلي 06:23:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«رابع أدبى» فضح «المتدين بطبعه»!

  مصر اليوم -

«رابع أدبى» فضح «المتدين بطبعه»

بقلم - نشوى الحوفى

«من بائع أنابيب للرابع فى ثانوية عامة».. «الرابع ثانوية عامة: أمى بائعة أنابيب وربنا وفقنى وحققت حلمها»... «والدة الرابع ثانوية عامة: كافحت بأنبوبة لتربيته».. تلك وغيرها من العناوين مما سيتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام وبرامج الفضائيات، ستكون مادة لإعلان الفخر تارة بهذا الولد الذى باع الأنابيب ولكنه كان الرابع بين أوائل الثانوية العامة! لتمنح البعض فرصة لكتابة تعليق أو مقدمة برنامج يقول فيها «لا مستحيل مع المثابرة، هل رأيتم محمود الذى صنع نجاحه من عدم؟»، هذا وغيره الكثير من مشاعر حقيقية أو كاذبة ومجاملة ومدعية ستكون لصيقة بحكاية محمود كما حدث العام الماضى مع الأولى فى الثانوية العامة بنت حارس العقار التى لا أظن أن أحداً تابعها وتابع مسيرتها فى الجامعة وما إذا كانت هناك صعوبات واجهتها. ولكن قصة محمود بديوى، الرابع أدبى على ثانوية عامة، ابن محافظة كفر الشيخ، تشى وتفضح وتعرّى آفات مجتمع متدين بطبعه!

دعونى أبدأ من قصة والدته وأقف عند بعض من حديثها حين قالت: «حملت لقب أرملة منذ 14 عاماً، وبقيت فى منزل عائلة زوجى تجنباً للشائعات، قاتلت خلف الكواليس لتربية أبنائى الثلاثة، مرت السنون دون أن أشترى لنفسى ملابس جديدة، فضّلت العمل فى بيع الأنابيب لأوفر نفقات الأولاد، كنت أخرج فى عز الليل وفى الشتاء القارس والحر الشديد دون اهتمام لتوفير حياة كريمة لهم، وحتى لا يشعروا باليتم». تلك، يا سادة، بعض من ملامح قسوة 14 سنة مرت على تلك السيدة فى بيت عائلة زوجها، فهى أرملة فى مجتمع لا يرحم من هنّ مثلها من الشائعات، وهى من قاتلت فى الكواليس لتعلم أبناءها وتحميهم من إحساس اليتم بينما يعيشون وسط عائلة والدهم. وهى من تحملت قسوة الظروف دون أن يلتفت لها أحد، ولكن شاءت إرادة الله أن ينصفها فى محمود. ربما تكون عائلة زوجها غير ميسورة، ولكننى أتحدث عن الحنان لا المال فى مجتمع متدين يحرص كبيره وصغيره على صلاة المساجد والكنائس ولكنهم لم يلحظوا حقوق تلك السيدة وأبنائها فى الرعاية والاهتمام، وأنها ليست بحاجة للمقاتلة فى الكواليس، ولا أن تظل سنوات بدون «جلابية جديدة».

وآخذكم لمحمود ذاته الذى قال إن مديرة المدرسة التى كان يدرس بها طردته منها لأنه لم يكن يرتدى «جزمة» بل «شبشب»! وأقف هنا مرة أخرى أمام ذلك المشهد الذى يدق أجراس إنذار. فما أعلمه أن المتفوق لا يخفى على المدرسين والمدرسة تفوقه، خصوصاً فى حالة محمود الذى لم يكن بالتأكيد فى رفاهية تمكّنه من الاستغناء عن المدرسة والاكتفاء بالدروس كما يفعل غيره. وهنا السؤال: هل رأت المديرة فى «شبشب» محمود إخلالاً بنظام فقررت طرده حفاظاً على نظام المدرسة دونما سؤال عن خلفيته ومستواه الدراسى؟ هل عجزت المديرة والمدرسون عن مراعاة طالب متفوق برعايته وشراء أبسط الاحتياجات له؟ هل غاب عن مجتمع مدرسة محمود المتدين بطبعه -كما المجتمع ككل- أن يلحظ شقاء المجتهد ومثابرته ليخففوا عنه بأن يرحموه من ضرورة الحضور بالحذاء إن عجزوا عن شرائه له؟ هل نسوا أن يخففوا عنه حاله ولو بكلمة؟

وهكذا، يا سادة، كشفتنا قصة محمود، لتثبت أننا بحاجة لمراجعة وصف «متدين بطبعه» وأننا بحاجة لأن نكون مجتمعاً إنسانياً بطبعه، يقدس العمل دون تمييز، ويحترم كل مثابر بلا مَنٍّ، ويقدر ظروف الآخر ويحترمها. أما محمود وأمه فلا كلام إلا «تسلم يا ضنايا وتعيش الوتد».

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رابع أدبى» فضح «المتدين بطبعه» «رابع أدبى» فضح «المتدين بطبعه»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 05:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا
  مصر اليوم - زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا

GMT 00:05 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن
  مصر اليوم - نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 22:40 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

وفاة مهندس في حادث تصادم بعد حفل خطوبته بساعات

GMT 13:19 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

تعليق البرازيلي نيمار يثير غضب عشاق الأرجنتيني ليونيل ميسي

GMT 02:36 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

صبغات لتغطية الشعر الشايب وإبراز جمال لون البشرة

GMT 14:16 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"فيرير" فيدر أفضل لاعب تنس في تاريخ اللعُبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon