بقلم - نشوى الحوفى
بينما أتابع إعلاناً لمفوضية اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، تعلن فيه عن احتياج اللاجئين السوريين لنحو 275 مليون دولار لمساعدتهم على النجاة من تفاصيل الشتاء القريب على الأبواب، وبينما أردوغان يساوم الاتحاد الأوروبى على 10 مليارات دولار وإلا فتح أبواب تركيا للاجئين للعبور لأوروبا، أستمع لدقات طبول الحرب فى مدينة إدلب، بشمال سوريا، تعلنها القوى المتصارعة والمتحالفة على تلك الأرض الطيبة التى يبدو أن شتاء تاريخها سيطول.
وفقاً للأرقام فإن فى «إدلب»، القريبة من الحدود التركية، ما يقرب من 3 ملايين مواطن نصفهم من النازحين. وقد تم نقل المسلحين إليها من كل أنحاء سوريا، فى إطار تفاهمات سياسية قادتها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا، بينما يوجد بها 10 آلاف مسلح من «جبهة النصرة» الإرهابية، ولو غيرت اسمها. النظام السورى يرى ضرورة حسم تلك النقطة وبتر يد الإرهاب فيها والقضاء على معاقل التسليح الممول من قوى دولية وإقليمية، تسانده فى هذا الموقف روسيا صاحبة اليد الطولى على القرار هناك، حيث أعلنت ضرورة محو المسلحين من الوجود. بينما إيران تقف على الحياد رغم إعلانها ضرورة الحسم العسكرى، فتسمع وزير خارجيتها وهو يتحدث عن محاولات لإخراج المسلحين من إدلب. أما تركيا فعلى الرغم من إعلانها «جبهة النصرة» إرهابية منذ أيام، فإنها ترفض الحل العسكرى أو إخراج المسلحين بالقوة من قبَل النظام وروسيا، وهو ما دفعها لزيادة وجودها العسكرى فى المنطقة إلى 30 ألف عسكرى والكثير من الأرتال الحربية. وكان موقفها سبباً فى فشل قمة طهران الأخيرة يوم 7 سبتمبر الحالى التى ضمت روسيا وإيران وتركيا التى يمنح موقفها دعماً لقوات التحالف بقيادة أمريكا.
على الجانب الآخر، ورغم تفاهمات قمة هلسنكى «بوتين - ترامب» منذ نحو شهرين، فإن واشنطن أعلنت عدم خروج قواتها من سوريا، مهددة النظام السورى، ومعها بريطانيا وفرنسا، بتوجيه ضربات ضده فى حال شن هجوماً على إدلب، معلنة أنها سترد سريعاً فى حال استخدم بشار الأسلحة الكيماوية، التى كانت سبباً فى ضرب سوريا بالصواريخ مرتين من قبَل قوات التحالف بقيادة أمريكا، رغم عدم وجود إثبات دامغ باستعمال قوات النظام لها.
وهنا تتوقف مع الذاكرة القريبة لتتساءل: عن أى كيماوى يتحدثون؟ فألمانيا التى تهدد اليوم بالدخول فى الحرب على أرض إدلب فى حال استخدام بشار الأسد للكيماوى، هى ذاتها ألمانيا التى باعت لنظام بشار، على مدار 30 عاماً مضت، الأسلحة الكيماوية، ثم كانت هى ذاتها ألمانيا التى أعلنت، فى أبريل 2014، العمل كوسيط لسحب الكيماوى من سوريا وتسليمه لأمريكا التى أكدت، عبر البنتاجون، إتلاف كل السلاح الكيماوى والتخلص منه بإلقائه فى مياه المحيط، ليكون السؤال: عن أى كيماوى يتحدثون فى بلد استبيحت أرضه لكل حامل سلاح؟ ثم إذا كان فى إدلب 10 آلاف مسلح من جبهة إرهابية باعتراف الجميع، أفيكون التهديد لجيش يقول هذه أرضى؟
تتوقف أمام المشهد وتدرك أنه لا تحالف دائم فى ظل مصالح القوى فى سوريا، فأردوغان الشريك المخالف لأمريكا يعزز وجوده العسكرى فى الشمال السورى، محققاً هدفه بالسيطرة على الحدود السورية، كما طالب قوات الناتو عام 2014 بالقضاء على «داعش»، بينما يفاوض روسيا وإيران على مناطق النفوذ فى سوريا. وروسيا تعلم أن لا مكانة لها بدون دحر إرهاب موّلته أمريكا وحلفاؤها وتركيا والخليج. وإيران تعلم أن عليها الاحتفاظ بحليفيها رغم إدراكها أنه لا حلف دائم. وأمريكا تحارب بأيادى من موّلوا ووُجدوا على الأرض. ولا عزاء للأبرياء.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع