توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة يوليو (3) الديمقراطية

  مصر اليوم -

ثورة يوليو 3 الديمقراطية

بقلم - نشوى الحوفى

تظل تهمة غياب الديمقراطية أحد أهم الانتقادات الموجهة لفترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر ولثورة 23 يوليو، ولكن القارئ فى تاريخ تلك المرحلة يدرك لأكثر من سبب أن غياب الديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه -من تعددية حزبية وحرية تعبير وتداول سلطة- لم يكن شيئاً مستبعداً على الحكم فى مصر فى تلك المرحلة. لذا فاتهام الرئيس عبدالناصر بتغييب الديمقراطية من دون قراءة لمشهد عاش فيه قبل ثورة يوليو 1952 ومشهد عاش فيه بعد الثورة وخلفية عسكرية شب عليها وانطبع بسماتها، ليس بالعادل.

القارئ فى المشهد المصرى قبل يوليو 1952 يدرك أن تعددية الأحزاب لم تكن صورة للديمقراطية بقدر ما كانت صورة لمواءمات المشهد السياسى الذى فرضته ظروف الاحتلال البريطانى لمصر منذ 1882، وما تلاه من محاولات لاستقلال مصر على يد مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول. فعلى الرغم من نجاح ثورة 1919 فى انتزاع حقوق للمصريين بوضع دستور 1923 وانتخاب مجلس للأمة، إلا أنها لم تمنح مصر استقلالها لتستمر حركة الشعب المطالبة بالاستقلال. ثم إن منح دستور 1923 الملك صلاحيات حل مجلس النواب وتعيين الوزراء وعزلهم والتصديق على القوانين وإعلان حالة الحرب وعقد المعاهدات وعزل وتولية الضباط دونما الحاجة لمجلس النواب لم يمنح المصريين استقرار حكومات. فقد جاءت غالبية الانتخابات بحزب الوفد الذى تربطه بالملك حالة من العداء الموروث، ولذا كان استمرار الوزارات لمدة طويلة ضرباً من الخيال، ما أورث المصريين الكفر بالديمقراطية لتتصاعد حدة أمنية حضور الديكتاتور العادل القادر على منحهم الاستقرار والاستقلال اللذين فشل الجميع فى تحقيقهما.

أضف لهذا التغيرات السياسية المفروضة على العالم بعد الحرب العالمية الثانية من استقطاب بين الفكر الرأسمالى الغربى بقيادة أمريكا، والفكر الشيوعى الاشتراكى بقيادة الاتحاد السوفيتى، يزيد عليه فى مصر والمنطقة، وبخاصة بعد حرب 1948، البعد الإسلامى الذى أيقظت ملامحه فى السياسة حرب فلسطين وإعلان الدولة الصهيونية واستغلال الإخوان المسلمين لهذا المشهد لمزيد من الانتشار بين الناس.

ونأتى للرئيس جمال عبدالناصر ابن الطبقة الكادحة من المصريين المدرك لما سبق من تفاصيل فى المشهد السياسى، الواعى لحجم الخلاف -دونما نتيجة- بين القوى السياسية فى مصر. «عبدالناصر» بخلفيته العسكرية التى ترسخ منذ أول دقيقة فيها لمبدأ أن طرح الرؤى والبدائل القائم على المعلومة حق، بينما يبقى اتخاذ القرار فى يد القائد المتحمل لمسئوليته أولاً وأخيراً. والواقع يقول إن «عبدالناصر» كان حاسماً دون النظر لمواءمات تفرضها السياسة فى بعض الأحيان. كان الرجل واضحاً منذ بدايته وحتى نهاية عمره، وهو ما يتضح من خطبه وآرائه. فقد آمن بالديمقراطية القائمة على إزالة الفوارق بين الطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية للشعب دونما تمييز. كانت كلماته فى بورسعيد يوم 22 ديسمبر 1961 محددة لرؤيته للديمقراطية القائمة على تحقيق الرفاهية لكل المجتمع بلا فوارق طبقية، وتحرير المصريين من استغلال الرأسمالية والإقطاع. مؤكداً أنه يسعى لتحقيق الديمقراطية السياسية والاجتماعية ولكن ليس بتعددية الأحزاب أو إطلاق حرية التعبير ولكن بالقضاء على استغلال العامل والفلاح.

هكذا كان الحال فى ظل تصاعد الرفض لما صارت عليه مصر من قوة وتأثير بعد أن كانت مجرد دولة محتلة من بريطانيا. نعم أخطأ، بحكم زماننا، بانفراده بالرأى ولكن مَن منا لم يكن ليفعل فى مثل تلك الصورة؟

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة يوليو 3 الديمقراطية ثورة يوليو 3 الديمقراطية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon