بقلم - نشوى الحوفى
• حينما تشاهد آلاف اللاجئين السوريين وهم يعودون للجنوب السورى من لبنان والأردن، فلا تعتبر ذلك نهاية حرب نظّم لها العالم فى سوريا، ولكنه خطوة جديدة على رقعة شطرنج اتفقت فيها مصالح روسيا وأمريكا، وثالثتهما إسرائيل، بأن تتخلى واشنطن عن رحيل «الأسد»، وتترك له الجنوب السورى، مقابل سيطرة موسكو على نفوذ إيران فى سوريا وسماحها لإسرائيل بضرب أهداف إيرانية فى سوريا دون المساس بالمصالح الروسية، بالإضافة إلى الحصول على اعتراف أمريكى بحق موسكو فى جزيرة القرم التى ضمّتها لها فى مارس 2014، فلا تبتئس، وتذكّر أن هذا هو فعلنا بأنفسنا قبل أن يكون فعلهم بنا، وتذكّر «جيش كنانة» لم يهادن ولم يبحث عن مصلحة ولم يفرط فى ثوابت الأرض والعرض، فكان حامى الجغرافيا وصانع التاريخ.
• وحينما تقرأ عن فرار آلاف اللاجئين السوريين إلى الحدود مع إسرائيل هرباً من حرب بسط نفوذ فى الجنوب السورى، فلا تعجب ولا تحزن أن جاء علينا يوم تكون فيه إسرائيل ملجأ لنا يا عرب ومأوى، وهى الشريدة فى العالم، وهى المحتل لأراضينا. وفكّر كيف صارت إسرائيل واحة الاستقرار والبحث العلمى والقوة فى العالم، لتدرك أن ما صرنا إليه نحن شركاء فيه بتمكين فاسد وإبعاد كفاءة وخيانة مسئولية وعروبة وشعوب، وأنه لولا مسخنا لما استفحل مسخهم وطغيانهم وتجبرهم، وتذكّر أن بلادك كانت، وستظل، مقصد أمن، وأن مسئوليتنا جميعاً أن تظل كذلك إلى أبد الدهر.
• وحينما تسمع خبر إقامة الولايات المتحدة الأمريكية لأكبر قنصلية لها فى العالم فى مدينة «أربيل» العراقية ذات الأغلبية الكردية، بتكلفة 600 مليون دولار، وعلى مساحة 200 ألف متر، فعليك أن تتساءل: عن أى قنصلية يتحدثون، وما مصلحة واشنطن فى فعل ذلك فى تلك المنطقة التى ينتشر بها الصهاينة، والتى كانت على موعد بانفصال عن العراق لولا رفض مَن تضاربت مصالحهم فيها، وصمود من يعرف للعروبة مقاماً، وتذكّر أن عادة آل صهيون عدم نسيان أهدافهم أو التراجع عن مخططاتهم.. فهل نحن واعون؟
• وحينما تعرف وتُحصى أشهر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة فى العالم فتجد أنها تتفق فى سمة واحدة هى أن من يمتلكها ويديرها ويحرر أخبارها يهود، من «سى إن إن، وسى إن بى سى، وإيكونوميست، إلى الجارديان وواشنطن بوست والبى بى سى» وغيرها.. فـ«احذر لعقلك وفتّح عينك واشترى دماغك وإياك من بيعه لأى من كان»، فالحرب حرب وعى، والمعركة معركة ثوابت، والمصير لمن يدرك هويته ويتمسك بقيمه ويزيد إنتاجه وإنجازه.
• وحينما تقرأ أن «يلدريم» هو آخر رئيس وزراء فى تركيا بعد أن سيطر «أردوغان» على البلاد خلال العامين الماضيين بتغيير دستور قلّص به سلطات القضاء والجيش وغيّر به نظام الحكم إلى رئاسى بدلاً من برلمانى وأنه صار هو الذى يعيّن الوزراء ويحدد الميزانية ويختار نائباً له بينما حزبه صاحب أغلبية فى مجلس النواب، وبينما يطارد معارضيه بدعوى تأييدهم لمن كان حليفه يوماً، فيسجن بعضهم ويقيل بعضهم، فلا تحدثنى عن ديمقراطية الخليفة المزعوم ولا تكلمنى عن تجار الأوطان ممن سكنوا تركيا يهاجمون بلادهم بتمويل مخابرات الخليفة، واسعَ فى بلدك إنتاجاً وإنجازاً مقاوماً لفساد وخيانة، فالمعركة لم تنتهِ بعد.
حينما يضيق بك الحال من مسخ الأيام والليالى.. تمسّك بوطن لا نملك سوى هواه أحياء وثراه بعد الممات.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع