بقلم - نشوى الحوفى
للمرة الخامسة منذ أن هتف فى كلمته بها «تحيا مصر» بينما كنا محاصرين اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً فى العام 2014، يشارك الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى اجتماعات الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فى اجتماع سنوى يشبّهونه بمجلس إدارة العالم، رغم أن أهميته لا تكمن فى الكلمات البادية على المسرح الرئيسى بقدر ما تكمن فى كواليس اللقاءات الفردية أو الجماعية بين قيادات العالم.
وفقاً لتصريحات السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم فى الأمم المتحدة، فإن الرئيس السيسى سيشارك، إلى جانب كلمته أمام الجمعية العامة الثلاثاء، فى قمة العالم للسلام، وفى قمة نيلسون مانديلا التى تحيى الذكرى المئوية للزعيم الأفريقى الراحل وتعيد ترتيب أولويات القارة السمراء، وقمة مجموعة الـ77 والصين، واجتماع تغير المناخ، وقمة السلام، واجتماعات لمناقشة وبحث الأوضاع فى فلسطين وليبيا وسوريا واليمن.
نعم، تذهب مصر للمرة الخامسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بينما لم تسقط أو تركع كما نظروا لها فى العام 2014. تذهب بينما المشهد السياسى العالمى الدولى غير مستقر فى قضايا الاقتصاد غير المستقر بسبب الإصرار الأمريكى على خطاب أحادى الجانب فيما يتعلق بمصالحه. خلافات مع الصين والاتحاد الأوروبى وكندا حول الرسوم الأمريكية على البضائع الواردة لأمريكا، وخلافات نفوذ سياسى مع روسيا والصين وإيران. فى وقت تتصاعد فيه كيانات اقتصادية تُصر على كسر الهيمنة الأمريكية مثل مجموعة «البريكس» التى تضم الصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، مع سعى دول أخرى للانضمام لها.
تنعقد دورة الجمعية العامة لهذا العام رافعة شعار المصداقية لفرض السلام بينما لغة الحرب تعلو فى الآذان بما يحدث فى سوريا واليمن وليبيا، وبينما الاضطرابات تسكن تحت رماد الهدوء فى العراق وجنوب السودان والصحراء المغربية.. فى ظل مشهد عربى وإقليمى يهدد بالانفجار بين الحين والآخر.
إيران تعانى بينما نظام الملالى، المؤسس والباقى بفعل أمريكى إسرائيلى، يقاوم موجات تهديد بقائه فى ظل انهيار للعملة وصل فيه الدولار إلى 120 ألف ريال، وفى ظل عقوبات اقتصادية تصر أمريكا على فرضها بعد انسحابها من اتفاقية «خمسة + واحد»، وفى ظل وهم سياسى فى عقول الملالى بفكر الهلال الشيعى وضرورة فرض السيطرة فى اليمن والعراق ولبنان والخليج.
تركيا تقاوم آثار أوهام الخلافة القابعة فى الفكر الإخوانى الذى أضرّ باقتصادها ودفع عملتها لفقد 40% من قيمتها فى عدة أشهر، فى ظل تأرجح للمواقف بين قوات التحالف الغربى ودول الحلف الشرقى، وابتزاز لأوروبا فى ملف اللاجئين؟
السعودية تعانى أزمة هوية واقتصاد وثقة فى الحكم واستقراره بظنون الدعم المربوط بواشنطن ورضائها، بينما حربها فى اليمن تكلفها مليارات سنوياً. فلسطين قضية تُحتضر بين خيانة فلسطينية وعربية واستفزاز غربى إسرائيلى، وتقاوم بلادى ما سموه «صفقة القرن». اليمن تنهار تحت مظلة جوع 5 ملايين طفل وتجهيل 2 مليون آخرين دُمرت سبل تعليمهم. العراق حائر بين طائفيته وارتباطات مسئوليه بدول الإقليم والعالم، سوريا باتت مائدة قمار يتنافس عليها كل صاحب قوة على الأرض. ليبيا أصبحت ألف قطعة وقطعة فى ظل حرب الميليشيات الممولة. الجزائر تعانى تصلباً فى شرايين الحكم يهدد مستقبل أيامها، وتونس تئن من الفشل الاقتصادى والكمون الإخوانى.
كل هذا وبلادى حاضرة تقاوم فى مدارها العربى والإقليمى والأفريقى، وهى تسعى لبناء ليس بالسهل فى ظل مكافحة فساد ومحاربة إرهاب، ولكنها تصر على أن تُسمع العالم صوتها.. فتحيا مصر.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع