بقلم - نشوى الحوفى
فى إطار الحديث عن الاستثمار فى القطاع الخاص ووضعه اليوم، فى ظل إصدار البنك المركزى بيانات تؤكد تراجعه، وصلتنى هذه الشكوى من بعض العاملين السابقين فى مصنع «أبوزعبل» للحديد والصلب، قالوا فيها:
«توقف العمل بالمصنع عام 1998، بخروج الدفعة الثانية من العاملين كمعاش مبكر، ثم تم طرح الشركة للبيع كخردة، وليس للتشغيل، فى مزاد علنى عام ٢٠٠٣، وفاز بالمزاد يومها أربعة تجار بمبلغ ٣١ مليون جنيه، فى واحدة من فضائح الشركة القابضة التى كان لديها إصرار غريب على التخلص من الشركة خدمةً لمحتكر إنتاج حديد التسليح آنذاك أحمد عز، فشكّل المهندس رفعت صوان وزميله الراحل المهندس صلاح الوكيل مجموعة من العاملين رفعت شكوى لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء ووزير الصناعة ووزير قطاع الأعمال لوقف إجراءات مزاد الخردة المشبوه، مدعماً بعرض لإعادة تشغيل الشركة من قبَل مستثمر مصرى بمبلغ ٦٥ مليون جنيه. وتقرر وقتها وقف مزاد الخردة الفضيحة المدعوم من الشركة القابضة. ورغم ذلك لم ترد الشركة القابضة على عرض المستثمر المصرى الخاص بالتشغيل لمدة خمس سنوات!!
حتى كان عام 2008 حينما تم تنظيم مزاد جديد تم إرساؤه على مجموعة شركات «الغرير» الإماراتية بمبلغ ٤٦٠ مليون جنيه. وبدأت المجموعة فى مخاطبة الشركات الأوروبية المتخصصة لتوريد خطوط إنتاج ومعدات جديدة لرفع الطاقة الإنتاجية من ١٥٠ ألف طن إلى ٢٥٠ ألف طن سنوياً كمرحلة أولى، تمهيداً للوصول بالإنتاج إلى مليون طن من حديد التسليح بأقطاره المختلفة سنوياً فى المرحلة الثالثة. واستمر العمل لمدة تزيد على الشهرين، حتى بدأت الشركة القابضة فى إعاقة إكمال الخطوات الطبيعية لإعادة التشغيل، حتى كان لهم ما أرادوا، وتوقف كل شىء، وانسحبت مجموعة شركات الغرير الإماراتية.
وعاد مصنع «أبوزعبل» لحالة التوقف التى ما زال عليها إلى يومنا هذا، رغم كل محاولاتنا لتوصيل أصواتنا للمسئولين عن الاستثمار فى بلدنا. وقد تتساءلون عن سبب تمسكنا بعودة الشركة للحياة؟ والإجابة أنها الشركة الرائدة فى إنتاج حديد التسليح فى مصر والشرق الأوسط، حيث تم افتتاحها سنة 1946 وبدأت الإنتاج عام 1947، ثم إنها الشركة التى قدمت إنتاجها فى المشروعات الكبرى مثل مترو الأنفاق، كما قدمت الشركة إنتاجها للمجهود الحربى لإقامة حائط الصواريخ بطول قناة السويس من بورسعيد شمالاً إلى السويس جنوباً، فكان قصفها من العدو الإسرائيلى بطائرات الفانتوم فى 12 فبراير 1970، مما أدى لاستشهاد ٨٦ من أبنائها وجرح أكثر من ٢٠٠ من العاملين.
هناك جريمة تحاك لاغتيال الشركة نهائياً، يقود هذه المؤامرة الشركة القابضة المنوط بها الحفاظ على الصناعات الاستراتيجية الهامة التى تسهم فى تنمية الاقتصاد المصرى والقضاء على الاحتكار المعوق لهذه التنمية. واسالوا المهندس إبراهيم محلب عن حديد مصنع أبوزعبل الذى اعتمدت عليه مشروعات المقاولون العرب فى تنفيذ أعمالها وغيرها من شركات المقاولات. الجميع يعلم قيمة هذا الصرح الصناعى إلا الشركة القابضة للصناعات المعدنية».
انتهت رسالة بعض العاملين فى مصنع أبوزعبل للحديد والصلب لتؤكد حالة الفساد التى يعيشها الاستثمار فى القطاع الخاص، والتائه بين وزارة وهيئة وشركات قابضة ومجلس أعلى، ليكون السؤال: متى نرى الجدية والاحترام فى التعامل مع المستثمرين الذين يعانون فى الحصول على الاستثمار ومواصلة العمل فيه فى بلادى الساعية لجذب استثماراتهم؟ سؤال لكل من يهمه الأمر؟
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع