القاهرة ـ مصر اليوم
في توقيت متتالٍ، كان الإعلان عن تقريرين لحقوق الإنسان، أحدهما عن سوريا والآخر عن مصر. صدر الأول في 11 مارس الجاري، فأعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف ميشيل باشيليت إدانة أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، داعية إلى بذل الجهود للكشف عن الحقيقة وإعمال العدالة والتعويض للمضارين السوريين بمناسبة مرور 10 سنوات على اندلاع العنف المسلح في سوريا والذي راح ضحيته آلاف القتلى وعانى منه ملايين النازحين واللاجئين، فيما يكافح ملايين السوريين من أجل البقاء. كما رحّبت بالحكم الصادر مؤخراً عن محكمة ألمانية على عضو سابق من أجهزة المخابرات السورية بعدما وُجهت له تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ثم كان التقرير الثاني لمنظمة هيومان رايتس ووتش وأعلنته يوم 17 مارس الجاري، واتهمت فيه الجيش المصري بهدم أكثر من 12 ألفاً و300 مبنى سكني وتجاري وتدمير نحو 13 ألف فدان من المزارع حول العريش ومعبر رفح، على الحدود مع قطاع غزة، منذ عام 2013 في سيناء بسبب المواجهات مع الجماعات الإسلامية المسلحة.
تأملت التقريرين وتعجبت من فصام الرؤية الممزوج بالتضليل المتعمد، فتقرير المفوضية الدولية لحقوق الإنسان تجاهل الوضع في سوريا على مدار عشر سنوات باتت فيها مرتعاً للصراع الإقليمي والدولي وتنوع فيها حاملو السلاح. لذا لا يمكن الجزم بالمتسببين فيما آل إليه حال السوريين، الذين أدموا قلب المفوضة الأممية. إذ كيف نحاسب دولة ونظاماً -رغم اختلافنا معه في نواحٍ عدة- على حقوق إنسان، بينما الدولة كلها من مؤسسات وأرض وشعب، في صراع من أجل البقاء، مجرد بقاء؟ وتذكرت ما حدث مع ريما خلف، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017 حينما نشرت تقرير لجنة الإسكوا التابعة للأمم المتحدة وأدانت فيه ممارسات إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، بل واتهمت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري. وكيف ضغط عليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جويتريش لسحب التقرير أو الاستقالة، فكانت استقالتها التي قبلها فوراً، حرصاً على إرضاء إسرائيل! وتساءلت عن معنى حقوق الإنسان في المنظمة الدولية وفارق الحقوق بين سوريا المنهكة في الصراع وفلسطين مسلوبة الهوية؟
ثم كان تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش عن الجيش المصري على الحدود المصرية المطالب بحق لمن وصفتهم بالجماعات المسلحة الإسلامية، بينما هم إرهابيون وليسوا مسلمين! وتساءلت عن تلك الحالة من التغييب المطلق في تصوير المشهد من خلال صراع دولة ومسلحين معارضين لها؟! بينما تقود أمريكا تحالفاً من 40 دولة منذ عام 2014 -كما تُوهمنا- للقضاء على ذات المسلحين في العراق وسوريا ويبررون لأنفسهم ما حل بسوريا والعراق من دمار بل والبقاء على أرض ضاع منها الأمان في ظل وجودهم عليها! كما يحدثوننا عن هدم منازل وتدمير زراعات يعلمون أنها كانت تُستخدم لتهريب الإرهاب والمخدرات عبر الأنفاق، فأي تضليل هذا؟ ولماذا الإصرار على تصوير ما يحدث في شمال سيناء بغير واقعه؟
لا أعلم عن أي إنسان يتحدثون ويطالبون له بالحقوق بينما ضاع الإنسان في سوريا تماماً ويسعى الإنسان للحياة في مصر.