بقلم: نشوى الحوفى
كما ذكرت من قبل.. واهم من يظن أن اختلافاً أو خلافاً حادث بين ملالى طهران ووكلائهم من حوثيين وحزب الله وحشد شعبى وغيرهم، وبين تنظيم الإخوان ووكلائهم من قاعدة وداعش وجبهة نصره وأنصار بيت المقدس وغيرهم. فكلاهما صناعة غرب أدمن التفتيت والتقسيم والهدم، وكان الاعتماد عليهم لدعم وجوده بشكل جديد من احتلال بعد الجلاء عن بلاد المنطقة، والرغبة فى الحفاظ عليها بشكل مختلف. وهو ما تؤكده وثائق الغرب والشرق المحتل فى أجهزة مخابراته.
لكن الأزمة اليوم بين تلك الجماعات لم تعد أزمة فكر أو فعل يتسم بالإرهاب، ولكنها أزمة تسيدهم لنظم الحكم فى بلاد باتت تتبنى نظريات الهدم فيما حولها دون مواربة وتحت العديد من المسميات. فلو أنك نظرت على ملالى إيران فستجد أنهم يدعمون الإرهاب فى المنطقة بقوات وميليشيات مسلحة وبشكل علنى. يحدث هذا فى العراق واليمن ولبنان وسوريا. فباتت ميليشيات إيران المسلحة دولاً داخل دولهم فى ظل انهيار مؤسسات الحكم وتراجع حضور الدولة فتحولوا إلى نماذج مجسدة للفشل. ويحدث هذا مع الإخوان الذين يتصدرون المشهد السياسى فى تركيا التى باتت داعمة للتنظيم على مستوى العالم تمنحه قبلة الحياة فى ظل فشله فى إقناع الشعوب بقدرته على تعايش أعضائه كمواطنين ينتمون لوطن. ولهذا لم يعد أمامهم سوى العنف المسلح لفرض رؤيتهم كجماعة تدعى ليل نهار المظلومية. يحدث هذا فى دعم وتمويل وتدريب تركيا لجبهة النصرة وداعش فى سوريا والعراق وليبيا.
إذاً نحن أمام نموذجين لدولتين يحكمهما الإرهاب ويصدرانه لما حولنا عن عمد وعن جهل. فهما يظنان ويدعيان القدرة والقوة والتفوق واستقلال القرار، بينما الحقيقة أنهما مجرد ألعاب فى يد من يحركهما لتحقيق غرض التسيد والهيمنة على العالم بمقدراته. ولا أعلم كيف تبرر تلك الأنظمة لنفسها ولشعوبها تدريب المرتزقة ونقلهم عبر الحدود لهدم استقرار الدول؟ كيف يبررون هدم الأمان فى حياة الشعوب؟ كيف يبررون استباحة الحقوق؟ ولكن هذا ما يحدث فى ظل حالة من التغييب والحشد الجماعى باسم الدين وللدين.
فإذا كانت أفغانستان هى النموذج الواقعى لمعنى ضياع الدولة باسم الدين وكيف تصبح قبلة لخريطة الإرهاب العالمى منذ سبعينات القرن الماضى وحتى يومنا هذا، فباتت مصدر التطرف والمخدرات، فقد نجحت تركيا وإيران ووكلاؤهما فى تجييش المغيبين الغارقين فى أفيون التدين الواهم والزائف ليكونوا حشاشى العصر الحديث. فالوطن بالنسبة لهم جميعاً حفنة عفنة من تراب عفن، كما قال زعيمهم سيد قطب. والخلافة الخادعة التى يروجون لها هى الهدف. هذا غير مسميات تردد بلا فهم وبلا إدراك للمعنى. فمؤسسات الدول كافرة وجيوشها طواغيت وشعوبها ضالون أو مضللون!! والحور العين فى انتظار كل تكفيرى مقدم على إرهاب بتفسير كاذب لمعنى الجهاد، واستحلال المحارم حلال فى زمن الجهاد حتى لو كان مدفوع الثمن وعلى أرض ليست بأرضك أنت معتد عليها.
نعم.. فالدولارات وزواج النكاح والحياة بلا مسئولية غير قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق سهلة! وفتوى القتل جاهزة ومبررة ومفسرة من قبل أمراء الدم، وما أكثر المغيبين والمعذبين واللاجئين والجهال ممن باعوا كل شىء أو فقدوا كل شىء فلم يعد لديهم ما يخشون عليه للأسف.
ولذا لا أتعجب من تقارير البنتاجون المتأخرة عن نقل تركيا الشهر الماضى لنحو 3000 مرتزق إلى ليبيا براتب بلغ 2000 دولار شهرياً هذا غير تسليحهم ودعم أسرهم. وهو ما تفعله إيران هى الأخرى لدعم وجودها فى الدول التى تسميها دول الهلال الشيعى. يحدث هذا تحت سمع وبصر الغرب الذى يدعى السعى للوصول إلى حل سياسى فى ليبيا وفى غيرها من الدول المنكوبة. ففى ألمانيا تقدمت إحدى نائبات البوندستاج -مجلس النواب- بطلب لحكومتها تطلب إعلان أسباب بيع ألمانيا سلاحاً إلى تركيا تخطت قيمته فى الربع الأول من العام 2019 بمبلغ 800 مليون يورو، فى الوقت الذى تتهم فيه ألمانيا تركيا بانتهاك حقوق الإنسان وتهديد الأمن فى المتوسط وتهديد مصالح دول الاتحاد؟!
ولكن هذا الغرب ذاته أصبح تحت تهديد الملالى والإخوان.. ينظر بريبة لما صنعت يداه وهو يتساءل: كيف سيسيطر عليه؟