توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استراتيجية الغضب!

  مصر اليوم -

استراتيجية الغضب

بقلم: نشوى الحوفى

تمنيت لو أن هدأت أصوات الشجب والتنديد الفارغة من مضمون الفعل، لتعى حجم مأساة المواطن الفلسطينى وهو يرى أرض بلاده تتلاشى وقضيته تتناساها الدول، بينما يتاجر بقضيته البعض، ويستغلها البعض الآخر.

أعلنت الإمارات توقيعها سلاماً مع إسرائيل، فهاجت الدنيا مرة أخرى بالطريقة نفسها التى عاشتها مصر 1979 حينما وقعت اتفاقيتها مع إسرائيل لاستعادة الأرض. وسبق الجميع فى الغضب القيادات الفلسطينية فى حماس، التى تسيطر على قطاع غزة، وفى منظمة التحرير التى تسيطر على رام الله!

لم تدرك القيادات الفلسطينية المتوحّدة على الغضب، أنهم مختلفون فى ما بينهم، يقتسمون ما جادت به إسرائيل عليهم لحل قضية بيعت لإيران وتركيا وقطر وغيرها من الدول. لم تتوقف القيادات لتسأل نفسها سؤالاً بسيطاً مفاده: ماذا جنينا من استراتيجية الغضب والمقاطعة على مدار سنوات هى عمر القضية؟ ثم إذا كانت استراتيجية الغضب لم تمنحنا ما سعينا له، فهل نحن بحاجة إلى تغيير تلك الاستراتيجية للحصول على حقوقنا الضائعة؟

المخلصون من الفلسطينيين يعرفون أن الأزمة منذ بدايات ضياع الأرض حينما أعلنت بريطانيا عن وطن قومى لليهود فى فلسطين كانت فى انتظار من يحل لهم أزمتهم، يحارب بدلاً منهم، يتفاوض بالنيابة عنهم، يتكلم باسمهم. نعم تلك أزمة استمرت حتى ارتضى الفلسطينيون جميعاً دور الضحية المضطّهدة والمظلومة منزوعة الأرض، بما فيهم القيادات المتعاقبة. لو نظر أى فلسطينى أو عربى غاضب على خريطة فلسطين، لأدرك أنه قد ضاع منها نحو 78% فى الفترة بين عامى 1917 و1948، وهى المساحة التى أعلنت عليها دولة إسرائيل المحتلة. وسعت الأمم المتحدة للتدخل وقتها لإقرار حل الدولتين. كانت الأرض المتاحة للفلسطينيين وقتها تقدر بنحو 22% من أرض فلسطين وضمت قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، فرفضوا التفاوض وقاطعوا ومعهم العرب جميعاً. حتى كان عدوان 5 يونيو 1967، فاحتلت إسرائيل ما تبقى لهم، فباتت المطالبة بعد 5 يونيو 1967 بالعودة لحدود 4 يونيو 1967 وفقاً لقرار الأمم المتحدة 242! ثم رفضوا الجلوس على مائدة مفاوضات مصر مع إسرائيل عام 1977 - 1979 لاستعادة تلك الحدود وتلك النسبة الـ22%، بل وقاطعوا مصر واتهموها بالخيانة! ثم أيّدوا غزو العراق للكويت! ثم عادوا وقبلوا بفتات التفاوض على مائدة مؤتمر مدريد 1991، وانتهت باتفاقية أوسلو 1993 التى منحتهم 1.5% فقط من الأراضى فى الضفة الغربية بدأت بغزة وأريحا وحكم ذاتى فى حماية إسرائيل. وتلا ذلك أكثر من انتفاضة فلسطينية، وأكثر من حرب إسرائيلية، وأكثر من محطة تفاوض ومبادرات. كلها انتهت إلى لا شىء. فإسرائيل كانت تتمدّد وتتوغّل سعيدة بالانقسامات العربية العربية، ثم بالانقسامات الفلسطينية الفلسطينية حينما اقتتل الفلسطينيون عام 2007 على فتات ما حصلوا عليه، ففعلوا ببعضهم أسوأ مما فعله الاحتلال بهم! وتفرق دم القضية بحثا عن مصالحة وسلام بين الفلسطينيين، لا بينهم وبين إسرائيل.

ووقعت أحداث ما سموه بربيع عربى التهم أمن الكثير من الدول العربية واستقرارها وبنيتها التحتية، وبرزت حماس تؤيد الإخوان فى كل الأماكن المكلومة، معلنة أنها الذراع العسكرية لهم، وذاقت مصر المر من خيانة لا تستحقها! وكأن انهيار الدول العربية سيُعيد فلسطين، ويحل مشكلات أبنائها! ثم كان إعلان أمريكا لما سمّته صفقة القرن والقدس عاصمة إسرائيل الموحدة وضم الجولان رسمياً لإسرائيل. وشجب العرب والفلسطينيون دون شىء. وأخيراً كان إعلان إسرائيل نيتها ضم الضفة الغربية لها، وهو ما يعنى فقدان الفتات الفلسطينى. كل هذا والقيادات الفلسطينية لا تمارس إلا استراتيجية الغضب المدعومة بعلاقات مريبة مع قطر وتركيا وإيران، بينما المواطن الفلسطينى هو وحده من يدفع الثمن. والأرض الفلسطينية تتآكل وإسرائيل تتعايش.

كسب ترامب بإعلان السلام بين الإمارات وإسرائيل والإعلان عن دول عربية أخرى فى الطريق وعدل كفة ميزان الانتخابات التى كانت تميل نحو بايدن. وكسبت إسرائيل مساحة جديدة تتحرك فى العلن بعد أن كانت علاقاتها العربية سرية فيما عدا مصر والأردن. كسبت الإمارات بسحب ورقة إسرائيل من يد تركيا وقطر، ويخسر الفلسطينيون مجدّداً باتباعهم الاستراتيجية نفسها الغاضبة الخالية من تفاوض واقعى وخيال سياسى ناضج يعيد بعضاً من حقوقهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استراتيجية الغضب استراتيجية الغضب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon