توقيت القاهرة المحلي 21:07:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لمَ تلومون ماكرون؟

  مصر اليوم -

لمَ تلومون ماكرون

بقلم: نشوى الحوفى

لم تفاجئنى تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مؤخراً عن الإسلام ومهاجمته له، فالرجل دأب منذ وصوله للسلطة إلى استخدام تعبير «الإسلام الإرهابى» وقد زادت الحاجة بالنسبة له للجوء لتلك الشماعة اليوم بعدما وُصفت شعبيته كرئيس بأنها فى أدنى مكانة وصل لها رئيس فرنسى منذ سنوات طويلة! ولكن ليس من العقل إغلاق الفهم واتهام الرجل بأنه يبحث فقط عن منقذ له وسط سياسات فشله ورغبته فى نشر التمييز والتطرف ضد المسلمين كما قيل فى بيانات عدة. بل من الرجاحة قراءة ما قاله وتحليله من جميع الزوايا لندرك إجابة نحتاجها: وماذا بعد؟

قال ماكرون فى تصريحاته إن: «الإسلام دين يمر اليوم بأزمة فى جميع أنحاء العالم... وهى أزمة عميقة مرتبطة بالتوترات بين الأصولية والمشاريع الدينية والسياسية التى تؤدى إلى تصلب شديد للغاية، فهناك فى هذا الإسلام الراديكالى، الذى هو صلب موضوعنا، إرادة علنية لإظهار تنظيم منهجى يهدف إلى الالتفاف على قوانين الجمهورية وخلق قانون موازٍ له قيم أخرى، وتطوير تنظيم آخر للمجتمع، وإن على الدولة الفرنسية مكافحة الانفصالية الإسلاموية التى تؤدى فى نهاية المطاف إلى تأسيس مجتمع مضاد، وإن تحول الأحياء إلى جيتوهات جاء نتيجة تجميع السكان بموجب أصولهم، دون أن نعمد إلى إحلال ما يكفى من الاختلاط، ولا ما يكفى من تمكينهم من التدرج الاقتصادى والاجتماعى». وأضاف: «بنى الإسلاميون مشروعهم على تراجعنا وتخاذلنا».

بدايةً أرفض أى توصيف للإسلام وإقرانه بالإرهاب، فلا شىء فى العالم اسمه الإسلام الإرهابى. وإن كانت هناك جيتوهات للمتطرفين من المنتمين للإسلام فى دول العالم التى تركتهم عمداً أو فساداً أو جهلاً -والمفترض أنه لا شىء يحدث لديهم جهلاً- فتلك صناعتهم أياً كان مبررها، فهم من فتح الأبواب لتلك الوجوه المتطرفة منذ ما يزيد على سبعة عقود فى كل أوروبا وهم الذين سمحوا لهم بالانعزال فى أحياء بعواصمهم، وهم من موّلوا ورفضوا تسليم القتلة منهم، وهم من منحوهم جوازات حمل السلاح بين عواصم التطرف فى العالم. ويقينى أنه حادث بتدبير وتهيئة لمناخ يستعر فيه التطرف من كل الأطراف أياً كانت العقيدة، فالدين دين الله.

ولكن لماذا يلوم شيوخ المسلمين «ماكرون» على تصنيفه الإسلام وهم من مارسوا التصنيف منذ سنين عدة بالتناحر رغم تحذير نبى الله محمد صلوات ربى وسلامه عليه من ذلك؟ ألم تنزل الرسالة واحدة على نبينا دون أى تصنيف لها؟ هل سمعتم أو قرأتم حديثاً عن الرسول صلوات ربى وسلامه عليه يتحدث عن الإسلام السنى أو الشيعى أو الوهابى أو الإخوانى أو السلفى؟ ألم يخط النبى بيده على الأرض خطاً مستقيماً وقال لصحابته: هذا طريق الحق، ثم خط خطوطاً عن يمينه وشماله وقال: هذه السبل وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه؟ فلماذا تعتبون على ماكرون وأنتم من بدأتم بالتقسيم كل حسب شيعته؟

من منا ينكر أن فى الخارج مسلمين أساءوا للإسلام أكثر من أعدائه حينما أطلقوا اللحى بلا نظافة أو لمحة جمال، وحينما فرضوا سلوكياتهم على أهل بلاد راحوا لها ضيوفاً فأرهبوا وجه الحياة بها رغبة فى فرض ما يسمونه إسلاماً وهو ليس من الإسلام فى شىء. فالإسلام دين دعا لحسن المعاملة ورقة المعشر واحترام النفس والتمسك بالذوق وتقدير الجمال فأين هم من ذلك الرقى الذى تركوه جهلاً وتطرفاً؟

نعم الأزمة لدى الطرفين: من منح تأشيرة التطرف وفتح لها الباب لتكون خنجراً فى يده يستعمله متى شاء ضد من شاء، ومن استمرأ تلك التأشيرة وظنها تمنحه فساد التدين ومحاربة البشر وإتلاف الحياة. ولكن الأزمة الحقيقية أن لا ندرك كبشر ما يحيق بنا بأيدينا ويقودنا للهلاك لا محالة، بينما دين الله لم يكن سوى لرخاء الإنسان وسموه ورقيه ورفعته ونبل أخلاقه. وما أعنيه بدين الله هو الإسلام بعقائده السماوية المتتالية على رسل نعرفهم ورسل لم يقصصهم الله علينا. ليكون دين الله هو إسلام القلب والوجه لله لنؤمن به ولنعمر الحياة ثم يكون بيده الحساب وحسم الاختلاف يوم العرض عليه.

لا تلوموا ماكرون، فهو يتحدث بلسان أجندته، وحاسبوا أنفسكم قبله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمَ تلومون ماكرون لمَ تلومون ماكرون



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon