توقيت القاهرة المحلي 09:03:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخلود في حضرة الموت

  مصر اليوم -

الخلود في حضرة الموت

بقلم: نشوى الحوفى

هل تابعت مثل ملايين العالم حدث نقل 22 مومياء ملكية إلى مرقدها الأخير من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارات بمصر القديمة؟ هل أدركت عظمة تاريخك الذى خلّد العلم فيه جثامين من منحوه الفخار رغم مرور ما يزيد على خمسة آلاف عام على موتهم؟ هل توقفت للحظات أمام تساؤلات نفسك وأنت تفكر فى هؤلاء الملوك والملكات وسيرتهم الممتدة عبر كل تلك السنوات بين استشهاد لتحرير أرض كسقنن رع، أو طرد محتل كأحمس، أو لردع غازٍ فى ليبيا وعند حدود مصر الجنوبية كأمنحتب الأول، أو لمد نفوذ واستكشاف أرض وحماية منابع نيل كحتشبسوت، أو إعمار الأرض بالهندسة والطب والحكمة كأول مهندس معمارى فى العالم، أو لإعادة فرض السيطرة المصرية فى الشام وعلى حدود مصر كسيتى الأول؟

هل أدركت حكمة مكان متحف الحضارات فى الفسطاط أول عاصمة بعد الفتح العربى لمصر ودخول الإسلام لها؟ هل أدركت سعة الرسالة المحمدية لاستيعاب حضارة القبط الذين أوصى بهم رسول الإنسانية خيراً، فمنهم رحماً أم العرب هاجر القبطية من قبل المسيح، زوجة خليل الله إبراهيم، التى خلّد الله سعيها بين جبلين ليكون أحد أسس الحج المذكورة بالقرآن رغم أنها لم تكن تتعبد أو تدعو الله، هى فقط كانت تسعى لإحياء الوليد بيقين أن من أتى بها لن يخذلها. ومنهم خير أجناد الأرض فهم فى رباط ليوم الدين. هل أدركت حكمة المكان الذى حوى بطمأنينة جثامين من حموا بلادنا بترحاب وتطوير وتنمية؟

هل شاهدت وقائع الانتقال من التحرير المُزيَّن بمسلة فى قلب العاصمة القاهرة تحيط بها كباش الأقصر فى مهابة وإبهار؟ هل شاهدت جمال الموكب وعظمته وجلاله وهو ينتقل عبر طريق تتنوع فيه آثار التاريخ بين قاهرة الخديوى وقاهرة صلاح الدين وأخيراً فسطاط ابن العاص؟ وذلك بعضٌ ضئيل من كل. هل أبهرتك ملامح الاحتفال وجمال المتحف وتصميمه وطرق العرض به؟ هل استمعت لأصوات آلات الفن المصرى وهى تعزف معزوفات مصرية عالمية بأصوات لا مثيل لها فى الكون برقى وثقافة؟ هل شاهدت عظمة بلادك وأحسها قلبك واستيقنتها روحك؟

هل لاحظت ذلك المشهد الذى وصلت فيه المومياوات لمتحف الحضارة حين انطلقت 21 طلقة لتحية الموكب الملكى فى إجلال مهيب اللحظة؟ هل رأيت مبادرة رئيس مصر العظمى وهو يسرع ليكون فى استقبال الموكب الملكى عند بوابة المتحف أثناء عبور التوابيت لمقرها الأخير؟ هل أيقنت المعنى من ذلك المشهد؟ أقولها لك: رئيس مصر الحالى صانع نهضتها الحديثة حامى حدودها ومطوِّر جيشها وطارد هكسوس زماننا، يقف إجلالاً وتكريماً لمن سبقوه فى صناعة تاريخ بلادنا وحماية أرضنا. مشهد كان يقول ببساطة: التاريخ يعبر أمام الحاضر بعظمته، يؤكد على الحاضر ما عليه فعله، يعضّد قوته ليترك للمستقبل ما يستحق الخلود.

ربما يرى البعض ما حدث مجرد نقل مومياوات تاريخية، ولكننى أراه عنواناً لدولة ضاربة فى جذور التاريخ، متواصلة الإنجاز والإعجاز. دولة تعلن للعالم بين الحين والآخر عن هويتها الحاوية للتنوع والتى لا يمكن طمسها.

تحيا مصر بتاريخها وحاضرها البانى لمستقبلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخلود في حضرة الموت الخلود في حضرة الموت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon