بقلم - نشوى الحوفى
ربما لا تعرفه مثلى ولم تشهد صنيعه فى أيام وليالٍ كان فيها البطل والقدوة لضباط وجنود اعتبروه مثلاً فى زمن تكالب علينا فيه أشباه الرجال من بشر ودول. كما كان الهدف لعملاء الإرهاب بأى ثمن كغيره من رجال سلسال الجدعان فى جيش خير الأجناد. ولكننا لا نعلمهم ولا نسمع عنهم إلا فى لحظة صعودهم شهداء، فتتوالى الأنباء تعلن كم من مجد بنوا وكم من أمن منحوا وكم من حِمى أهدونا إياه.
هكذا كان الحال ونحن نسمع أنباء استشهاد العقيد أركان حرب أحمد الجعفرى منذ أيام فى جبل الحلال بسيناء. ونسمع نحيب كلمات الجنود والضباط، مَن عرفه منهم ومن لم يعرفه. جميعهم شهدوا أنه الغالى الذى كان صوته مرفأ أمن، وخُلقه مثال تواضع، وفعله فعل قادة يخلدهم سجل البطولة.
توقفت أمام خبر الشهادة بينما تتسع مساحة الأخبار فى العالم لإنجاز بلادى، وتمنحها مؤسسات الاقتصاد شهادة استقرار ونظرة إيجابية للمستقبل فى ظل ما أصرت على فعله فى تحديات مشهد السنوات الماضية. فوجدتنى أتساءل: وهل ننسى أن «الجعفرى» ومن قبله «المنسى والدبابة والشبراوى وحسنين والعسكرى على»، وغيرهم كُثر، كانوا أصحاب فضل فى منحنا الفرصة لنعمل ونجتهد ونسعى لتحسين الأوضاع فى إقليم تضربه أموال الإرهاب والتفتيت؟ هل ننسى أن قائمة شهداء ومصابى سلسال الجدعان هى التى منحتنا قبلة الحياة بينما أعداؤنا من خططوا لسقوطها فى قلب معركة إعادة الترسيم للحدود البشرية والجغرافية تستعر نار حقدهم لأنها لم تسقط بفعل من ضحوا بحياتهم من أجلها وأجلنا؟
هل ننسى أن سلسال الجدعان من شهداء ومصابين هم أول من دفع فاتورة إصلاح أخطاء سنوات كثيرة مضت مرات ومرات. مرة منذ ما يزيد على 20 سنة حينما قررت المؤسسة العسكرية الخصم من رواتبهم للادخار لأزمة كانت تعلم مجيئها دون علم بموعد، ومرة حينما كانوا الحامين لنا بينما مؤسسات الدولة كلها تتهاوى، ومرة حينما تلقوا عنا رصاصات غدر وإرهاب وفُجر مخابرات إقليمية ودولية وخطط صهيونية، فرحلوا عن الحياة بشرف أو عاشوا يجترون ذكريات البطولة فى صمت الإصابة، ومرة حينما بسطوا أياديهم، يداً تبنى ويداً تحمل السلاح لتحيا مصر، ومرة حينما سمعوا كلمات الأراذل تطعن فى فعلهم وتضخم مكاسبهم وتستهين بتضحياتهم بكل كذب بينما هم صامتون لا يعرفون حتى رد الأذى عن آذان أحبتهم.
هل ننسى أن الاحتياطى الذى تجاوز اليوم 44 مليار دولار بعد أن كان 12 مليار دولار فى 2014 وأن مشاريع أنفاق سيناء وحفر القناة وسحارة سرابيوم وصوامع الغلال ومحطات الكهرباء والمحطة النووية وقناطر أسيوط ومحطات التحلية والعاصمة الإدارية والمدن الجديدة وشبكة الطرق ومصنع الأسماك فى غليون ومصنع البتروكيماويات فى برج العرب واكتشافات الغاز ومراكز تسييله فى البحر المتوسط ومشاريع البناء لمئات الآلاف من الوحدات السكنية وتأمين الحياة اليومية وإعادة تسليح الجيش بما لم يحدث منذ عهد محمد على، لم تكن لتحدث لولا فعلهم.
لن ننسى سلسال المنسى والجعفرى وصحبهما.. من كانوا فى رباط فاستحقوا وصف خير الأجناد. من منحوا بلادى القدرة على مدار تاريخها لتقول كلمتها فى كل موقف ظنوا فيه موتها وهى تعلم علم اليقين أنها فى حمى الرحمن فهى الآمنة للعالمين، وفى حمى رجال من سلسال لا يعرف غير الكنانة أرضاً.
فسلام على «الجعفرى» وصحبه.. وإلى يوم لقاء.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع