بقلم: نشوى الحوفى
بعنوان «فى زمن كورونا.. بايدن يفوز» كان مقالى بجريدة «الوطن» بتاريخ 5 أبريل الماضى، تنبأت فيه بفوز بايدن، لأنه الأنسب فى المرحلة المقبلة لقوى الصهيونية العالمية لتنفيذ رؤاها. يومها اختلف معى كثير من الأصدقاء والمتخصصين ورأوا أن صوت اللوبى اليهودى لترامب، لأنه من منح إسرائيل القدس عاصمة لهم والجولان ملكية نهائية.
واختلفت مع الطرح لأسباب كثيرة، منها أن أمريكا بلد مؤسسات لا تتغير باختلاف الرئيس، فهو موظف تنفيذى يختلف أسلوبه من اسم لاسم، فإذا كان ترامب نفّذ قرار الإدارة الأمريكية فى عهد بل كلينتون بجعل القدس الموحدة عاصمة إسرائيل، فإن أوباما ونائبه بايدن منحا إسرائيل أغلى ما خططت له منذ سبعينات القرن الماضى بهدم ما حولها لتكون الأقوى بالمنطقة بلا منازع، فكانت الفوضى بعالمنا العربى، بدعوى الديمقراطية وتمكين التيار المتأسلم مصدر الإرهاب.
ومن هنا لم أتفاجأ بتقدم بايدن الذى تحتاجه المرحلة الحالية ليكمل فيها خطوات تم تأجيلها مع نجاحنا فى إزاحة الإخوان من حكم مصر 2013، فالعالم مهيأ الآن، فقد جرب لحظة الإغلاق الكلى فى ظل كورونا، وتراجعت الاقتصاديات العالمية كلها ونسب النمو، وبدأ الاستعداد لتطبيق الجيل الخامس، بما يعنى مزيداً من السيطرة على البشر. ولفهم ما أقول، دعونا نعُد لمقال نشره جو بايدن فى مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية منذ أسابيع تحدث فيه عن مشروعه الرئاسى لنُدرك محددات الأمن القومى لأمريكا فى عهد بايدن وعلاقة ذلك بنا.
فى مقاله، حدد بايدن عدة عناصر قوة للأمن القومى الأمريكى، منها دعم الطبقة الوسطى الأمريكية اقتصادياً، كما كان الحال فى عهد أوباما! رغم أن تقارير الاقتصاد تصف حال الاقتصاد فى عهد أوباما ونائبه بايدن بما ينافى حديثه، فقد اتصف الوضع المالى لأمريكا مع ترك أوباما للحكم بنمو هائل للديون الفيدرالية، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وتراجع ملف المساواة الاجتماعية، وزيادة أسعار الغذاء، تراجع الدخل، والاستغناء عن العاملين، وتقليص عدد القوى العاملة.
يرى بايدن -كترامب- أن الصين تمثل تحدياً خاصاً للولايات المتحدة بإصرارها على لعبتها طويلة الأجل، الهادفة للتوسع بالانتشار العالمى اقتصادياً. ويتهمها بسرقة الملكية الفكرية من الشركات التكنولوجية الأمريكية وتطويرها ثم إعادة تصديرها إلى العالم، بهدف السيطرة على تقنيات صناعة المستقبل. وهو ما يرى بايدن ضرورة مواجهته بمزيد من الشراكات الاقتصادية مع حلفاء بلاده، مثل كندا والاتحاد الأوروبى، بدلاً من فرض الضرائب والجمارك عليهم، كما فعل ترامب. بايدن يرتدى وجه أمريكا الطيب مع حلفائه.
وهو ما يؤكده بدعمه لحلف الناتو الذى استعمل ترامب معه لغة التهديد أو بسحب القوات الأمريكية من بلدانه إذا لم تزد الدول الأعضاء مخصصاتها المالية وما تدفعه للولايات المتحدة نظير الحماية. وهنا أتوقف أمام عبارة بايدن بالنص: «عامل ترامب الناتو كمضرب حماية تديره الولايات المتحدة. يجب أن يقوم حلفاؤنا بنصيبهم العادل، ولهذا أنا فخور بالالتزامات التى تفاوضت عليها إدارة أوباما وبايدن لضمان قيام أعضاء الناتو بزيادة إنفاقهم الدفاعى، وهى خطوة يدّعى ترامب الآن الفضل فيها». أى أن ترامب لم يفتعل زيادة المخصّصات، لكنه طلبها برعونة وصفاقة فالبادئ كان أوباما ونائبه الرئيس الجديد!
تجديد الدماء فى الدبلوماسية الأمريكية وزيادة مخصّصات الخارجية الأمريكية التى خفّضها ترامب، إحدى وسائل بايدن الذى يعتبر أن الدبلوماسية هى الأداة الأولى للقوة الأمريكية، ويقول: «أنا فخور بما حققته الدبلوماسية الأمريكية خلال إدارة أوباما وبايدن». ومن عينة تلك الدبلوماسية «آن باترسون» سفيرة واشنطن ممولة الإخوان فى مصر حتى 2013، «روبرت فورد» سفير الخراب الأمريكى فى سوريا! فهذان من نماذج المحترفين الذين سيستعين بهم بايدن.
ثم يتحدث بايدن عن الجيش الأمريكى، فيرى أنه تم إنهاكه فى حروب أبدية لا بد من إنهائها والاعتماد على وسائل أخرى لتحقيق مصالح أمريكا. ومن تلك الوسائل منظمات المجتمع المدنى والنشطاء الفاعلين فى قضايا الديمقراطية والحريات كما يقول لمكافحة الفساد والاستبداد وتعزيز حقوق الإنسان!
ولذا فبايدن المُعترف بانتمائه للصهيونية والمؤمن بضرورة الدفاع عن إسرائيل كإحدى ركائز الأمن القومى الأمريكى، جاء لدعم ما تم الاتفاق عليه مسبقاً وتأجل تنفيذه لحين. ومهمتنا هى الإصرار على إكمال ما بدأناه دون أخطاء لا نمتلك وبلادنا رفاهية ارتكابها.