بقلم - نشوى الحوفى
نعم، كان المنطق يحتم رفع سعر تذكرة المترو التى لا تتطابق وتكلفة الخدمة، بل تكلف الدولة خسارة سنوية لا تقل عن 250 مليون جنيه نتيجة فارق السعر. نعم، جاء بيان وزارة النقل ليؤكد أنه لا تغيير فى أسعار الاشتراكات للطلبة وذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن. نعم، جاء البيان ليؤكد حصول المتعاملين بشكل يومى مع المترو من الموظفين على خصم فى الاشتراكات بنسب تتراوح بين 33% و50%. نعم يرتاد المترو يومياً ما يقرب من 4 ملايين راكب وفقاً لأرقام الهيئة وتوفر لهم الدولة خدمة سريعة وآمنة وتسعى لزيادة عدد الخطوط حتى 2032 بنحو ستة خطوط بتكلفة مليارات. نعم على كل هذا، ولكن ليس بضبط سعر الخدمة فقط تستقيم الأمور. فأين التسويق للقضية وشرحها شرحاً وافياً؟ أين التخطيط للصيانة واستغلال المحطات فى الإعلان والمحال التجارية وفقاً لمنظومة تقضى على القبح المنتشر فى محطات المترو الآن؟
بينما العالم العربى تُستنزف موارده فى حروب تأمين مستقبل إسرائيل، وبينما إيران تظن أنها فاعلة بينما هى مفعول بها، وبينما تحتفل سفارة إسرائيل فى جمهورية مصر العربية بما سمّته زوراً بالذكرى السبعين لاستقلال إسرائيل، بينما هى ذكرى النكبة السبعين لاحتلال فلسطين على يد جماعات مسلحة كداعش والقاعدة كانت تسمى «الهاجاناة»، بينما يحدث كل هذا كنت أشاهد فيديو لمؤتمر «الإيباك» فى واشنطن فى مارس 2017 وأستمع لحديث «نيكى هيلى»، المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة، الذى قالت فيه نصاً أمام أكثر من 2000 صهيونى إنها ترتدى الكعب العالى ليس لأنه موضة ولكن لتضرب به من يفكر فى انتقاد إسرائيل فى المنظمة الدولية! وكيف أنها أقصت شخصية فلسطينية عن منصب رفيع فى الأمم المتحدة لأنها فلسطينية. تابعت حديثها وأنا أفكر فى حالنا كعرب وأتساءل: إذا كان نقد إسرائيل يستوجب الضرب بحذاء امرأة أمريكية -لم تتعلم قواعد الأدب لا الدبلوماسية- فما بالنا بمواجهتها؟ كيف ارتضيتم تلك المهانة وإلى متى ترتضون بضياع شعوبكم ومستقبلهم؟
أدين كغيرى من الصحفيين للأستاذ مكرم محمد أحمد، فمن ينكر خبرته وقدرته على التحليل والمتابعة وتخريج أجيال من الصحفيين، ناكر للجميل. ولكننى أدرك قبل كل هذا حكمة وفطرة الزمن فى تعاقب الأجيال وقدرة الإنسان على العطاء المهنى. ولذا يعز علىّ كل موقف أرى فيه الأستاذ مكرم محمد أحمد وقد غلبه النوم فى فعاليات رسمية يحضرها أحياناً وفود من خارج مصر مع رموز الدولة. أعلم أن الأستاذ فقد القدرة على السمع بشكل جيد والمتابعة بشكل جيد فلماذا الإصرار على ظهور تلك الصورة غير اللائقة لرئيس المجلس الأعلى للإعلام فى دولة تبنى المستقبل وتصنعه؟ صحيح أننى أرى أن الإعلام لا يزال ملفاً نائماً كالمُشرف عليه، ولكن رفقاً بنا جميعاً وبالرجل. تقاعد يا أستاذ مكرم أكرمك الله، ودعنا نلجأ لك لفهم ما استعصى علينا.
لو أننا فقط اهتممنا بالتفاصيل...
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع