بقلم : نشوى الحوفي
بينما تتحسس حكومة حسان دياب، رئيس الوزراء اللبنانى، طريقها المفروش بصعوبات اقتصادية تقترب من حافة الإفلاس، وتحاول اكتساب هدوء شارع رافض لها رغم موافقة مجلس النواب عليها منذ أيام، وتسعى لرأب صدع لم يهدأ فى لبنان منذ عدة أشهر، شهدت لبنان مؤخراً حدثين لا يقتصر تأثيرهما داخل البلاد وحسب، بل يحتاجان للتأمل فى مشهد يزداد تعقيده كل يوم.
جاء الحدث الأول حينما أزاح حزب الله الستار عن تمثال لقاسم سليمانى قائد الحرس الثورى الإيرانى -الذى اغتالته المخابرات الأمريكية ببغداد فى يناير الماضى- بقرية مارون الراس بمحافظة النبطية بجنوب لبنان، حسبما أشارت الأخبار، ليظهر التمثال وسليمانى يشير إلى علم فلسطين!؟ وهو ما أثار تعليقات اللبنانيين على مواقع التواصل بين رافض ينتقد حزب الله وفعله وسعيه لفرض الرؤية الإيرانية على لبنان وإقحامها فى مسارات الملالى الخومينية، بينما كان المؤيدون من أنصار حزب الله يكبرون لوضع التمثال، متوعدين كالعادة إسرائيل وأمريكا بالموت! وبعيداً عن كلا الموقفين تتوقف عند اختيار حزب الله لتلك القرية لنصب تمثال سليمانى بها، فالقرية لا يفصلها عن الحدود اللبنانية الفلسطينية سوى اثنين كيلومتر فقط، كما تعد نقطة ارتكاز عسكرية هامة نظراً لوجودها على تلال عالية تكشف الكثير من المواقع فى الجنوب اللبنانى والشمال الفلسطينى، بينما تصنف القرية بالتواضع اقتصادياً -إن لم نقل الفقيرة- ليكون السؤال ما أهمية ذلك التمثال فى هذا الموضع الذى يبعد عن العاصمة بيروت بنحو 125 كم؟ وهل يسعى حزب الله ومن خلفه إيران الملالى لإرسال رسالة جديدة للمنطقة والعالم؟
ثم يجىء الحدث الثانى والأكثر أهمية للمشهد اللبنانى، الذى تجسد فى زيارة على لاريجانى، رئيس مجلس الشورى الإيرانى، إلى بيروت واجتماعه برئيس الوزراء حسان دياب ورئيس الجمهورية ميشيل عون ورئيس مجلس النواب نبيه برى وبالطبع حسن نصر الله زعيم حزب الله، معرباً -حسبما تناقلت المواقع الأخبارية- أن حزب الله هو سند الشعب اللبنانى وأن لبنان من دول محور المقاومة مع إيران وسوريا الواجب التباحث معها لدحض المؤامرة على المنطقة؟! ولذا جاءت الزيارة لتزيد من علامات الاستفهام المتعلقة بحاضر المنطقة ومستقبلها.
فلبنان القابع على جمرة من نار الطائفية التى لا تزال تحمل كوارث ومآسى الحرب الأهلية، والمحاصر من حزب الله التابع سياسياً واقتصادياً لإيران بميليشيات يبلغ قوامها نحو 45 ألف مسلح لا يفرضون سطوتهم على الداخل اللبنانى فقط، ولكنهم يقحمون لبنان أرضاً وشعباً فى مسار طموحات الملالى فى طهران، لبنان لا يتحمل المزيد من الضغوط الخارجية والداخلية عليه، فالمسألة أعمق والمشهد بات دقيقاً ولا يتحمل المزيد من الانفجارات التى تعانى منها دول عدة فى المنطقة، وبخاصة مع ما تم تسريبه عن التنسيق الإيرانى مع حسن نصر الله ليتولى مهام تنفيذ المخطط الإيرانى فى المنطقة خلفاً لسليمانى.
آمنت بحكم التتبع للتاريخ والوثائق المعلنة والأخبار أن إيران بدعم جماعة الإخوان هى محرك اللعب الصهيونى الأمريكى فى المنطقة لتحقيق المخطط له لقيام دولة إسرائيل الكبرى وحصار ما يتبقى من دويلات بميليشيات السلاح متعددة الانتماء، وأن عبارات فلسطين والمقاومة وغيرها ليست سوى وسائل خداع المغيبين وإخفاء اللعب وراء الكواليس، وتذكروا معى فضح روسيا للتفاهمات الإيرانية الإسرائيلية وتعهد إيران بالحفاظ على موقعها من هضبة الجولان المحتلة بمسافة 140 كم بما يضمن أمن إسرائيل فى العام 2018؟!! فعن أى مقاومة يتحدثون لمواجهة من؟
ولذا فما شهدته لبنان من تمثال على الحدود مع إسرائيل وزيارة لرئيس مجلس الشورى اللبنانى لا يحمل إلا نذر الشر لمزيد من خراب ومزيد من حصار على من رفض الركوع