بقلم - نشوى الحوفى
قالوا لن يكون هناك إقبال على الانتخابات، ورفعوا شعار «خليك بالبيت» لدفع المصريين للمقاطعة، وطالبوا فى بيان مسخ بحلّ الهيئة العليا للانتخابات، وبدأوا يعدّون عدّتهم للتنكيل بمصر تحت مسمى حقوق الإنسان والديمقراطية. وتناسوا شعباً لا يحب فرض الأمور عليه، وتغافلوا عن وعى شعبى بات يدرك حجم المؤامرة ويرصدها. ومن هنا برزت فى المشهد الانتخابى مشاهد لا يمكن تغافلها، وكان لا بد من التوقف عندها.
- برزت المرأة مرة أخرى، وأكدت أنها لا تحمى بيتها وأبناء رحمها فقط، ولكنها حامية لوطنها وأبنائها منه. برزت صورتها تقف أمام اللجان من قبل بدء التصويت. ظهرت فى مراحل عمرها المختلفة شابّة ومسنّة ومُعمّرة تجاوزت المائة، برزت فلاحة وربة منزل وعاملة تهتف لمصر وترفع علَمها وتزغرد تارة وترفع علامة النصر تارة وتلتقط الصور مع الجنود تارات.
- برز الشباب الذى قالوا عنه «غائب ومقاطع»، فى تعميم مرفوض واستخدام مغرض للمعنى، فالشباب مرحلة لا تقتصر على ذكور دون إناث، وقد شاهدنا الشباب فى لقطات واضحة يتبوأ موقعه من الصفوف رافضاً وصفه بالمتقاعس أو المفرّط أو المقاطع. ربما كان للبعض منه صوت مختلف، ولكنه لم يتخلّ عن بلاده، فإذا كانت الأرقام تقول إن نسبة الشباب فى الفئة العمرية فى مصر من سن 15-40 سنة يمثلون 64.9% من التركيبة السكانية، فنحن أمام قوة ضخمة علينا الوعى بها باستخدام استراتيجية فى الفكر والتربية والتعليم لإعادة صياغة عقل هذه الفئة العمرية، ليس فقط فى الجانب السياسى ولكن فى عموم الحياة.
- وبرزت الرسالة الأهم فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة رافعة شعار الشرعية وبقوة. نعم، كانت رسالة المصريين للعالم كله أنهم من يمنحون الشرعية للحاكم وهم من يسحبونها منه، فهم من سحبوها من الإخوان فى 30 يونيو 2013، وهم من منحوها لجيشهم لحماية البلد فى 26 يوليو 2013، وهم من أعطوها للرئيس السيسى فى يونيو 2014، وهم من جدّدوها له فى مارس 2018. ولا يستطيع أحد إجبارهم على تقبُّل حكم لا يريدونه.
- وبرزت فى تلك الانتخابات خيبة النخب السياسية التى أدمنت شعارات التغيير اللفظى والثورة المستمرة، لا نعرف إلى أين وإلى متى؟ وحتمية هدم كل ما سبق لنعيد البناء من جديد، بينما ما نراه أن ما يذهب لا يعود، فكان غياب أهم ثلاثة أحزاب بعد يناير 2011 عن المشهد الانتخابى بعد غرقها فى خلافاتها وغياب فعلها كدليل على تسطيح معنى الثورة وفشل من يتوهمون استمرارها بلا نهاية وبلا غاية.
- وبرز فى الانتخابات الرئاسية أيضاً صوت المبطلين بنسبة 7%. وهى رسالة لا تعنى فقط أنهم معارضون أو جاهلون بأحكام التصويت، ولكنها رسالة إلى الدولة جميعها بضرورة مراجعة أسباب تلك الظاهرة، فإن كانت أسباباً جادة وجب بحثها، وإن كانت أسباباً قائمة على الجهل بالحادث فى البلاد وجب التوعية، فلو جمعنا تلك النسبة مع النسبة المؤيدة للمرشح المنافس وقد تجاوزت 2.5% إذاً فنحن أمام ما يقرب من 10% لا بد من بحث أسبابها فى الإبطال والمعارضة لأن رئيس مصر الفائز ليس رئيس المؤيدين وحسب ولكنه رئيس لكل المصريين.
- وأخيراً تحيا مصر وأهلها برسائلهم جميعها التى نحتاج لقراءتها بتمعن.
نقلا عن الوطن القاهرية