بقلم : نشوى الحوفي
ما زلت أذكر حديثى مع الدكتور على الغتيت، أستاذ القانون الدولى الذى تم تكليفه من قِبل جامعة الدول العربية فى عهد الأمين العام السابق نبيل العربى، ليكون ضمن اللجنة العربية لبحث الحالة السورية فى نهاية عام 2011. وقتها كانت قطر تترأس دورة الجامعة للأسف، فتعاملت بمنطق القط الذى تسلم مفتاح الكرار.
وحكى لى «دكتور الغتيت» أن اللجنة العربية سجّلت فى تقريرها وجود ميليشيات ليبية وإيرانية ولبنانية وإسرائيلية تؤجّج الصراع السورى. وأن ما يحدث فى سوريا ليس ثورة، ولكنه خيانة دولية وعربية لبلد لا يمكن التنبؤ بعودته. ولكن رفضت قطر إعلان نتائج اللجنة وانصاع لها الأمين العام السابق نبيل العربى للأسف.
تذكرت هذا وأنا أتابع كملايين البشر تقرير الأمم المتحدة وتصريحات مسئوليها مؤخراً عن وضع سوريا بعد عشر سنوات على ما سموها ثورة اندلعت فى بقاعها عام 2011. تابعت بأسى الأرقام المنشورة عن هذا البلد العربى العزيز.
فمنذ 2011 قُدّر عدد القتلى من السوريين بنحو 400 ألف مدنى و63 ألفاً من قوات الجيش السورى، هذا غير أعداد الإصابات التى تقدّر بنحو 400 ألف مصاب، وأصبح 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و5.6 مليون لاجئ سورى فروا من بلادهم إلى شتى بقاع الأرض، وخسائر الاقتصاد تقدّر بنحو 530 مليار دولار، وسعر الدولار بلغ 4000 ليرة سورية، وكان قبل اندلاع أزمة 2011 لا يتجاوز 50 ليرة سورية فى اقتصاد وُصف وقتها بقدرته على تحقيق الاكتفاء الذاتى وتنوع محافظه.
الأزمات فى الغذاء والدواء والمأوى، ومن قبلها الأمان، تحاصر السوريين، حيث تم تدمير 18 مدينة صناعية سورية من بين 20 مدينة كانت توفر العملة الصعبة وتكفى السوق السورية وتزيد من إقبال السائحين على هذا البلد العربى العزيز. ونشر تقرير لموقع «دويتش فيلة» الألمانى أنه تم تفكيك آلاف المصانع الحديثة فى سوريا، وتم نقلها بجبروت إلى تركيا بعلم أردوغان الرئيس التركى، ناهيك عن انهيار البنية التحتية الرهيب الذى باتت تعانى منه سوريا بعد تدمير خطوط السكك الحديدية والطرق والموانئ والكبارى ومحطات الكهرباء وخطوط الغاز والبترول فى وقت تسيطر فيه أمريكا على 90% من مناطق إنتاج البترول السورى!
هكذا تتحدث الأرقام اليوم عن سوريا التى كانت وفقاً للتقارير الدولية وتقارير جامعة الدول العربية، تنتج نحو 85% من غذائها وتصدّر ما يفيض إلى عدة دول، كان إنتاجها اليومى من البترول 450 ألف برميل بترول كانت تصدّر منه 150 ألف برميل، كانت سوريا من بين أهم خمس دول على مستوى العالم فى إنتاج القطن وتربية الأغنام والأبقار، كانت قبلة السياحة بتعداد 8 ملايين سائح سنوياً.
ورغم كل ادعاءات محاولة حل الأزمة السورية دولياً وعربياً وسورياً، إلا أنه لا توجد بوادر لحل أزمة سوريا التى باتت محطة لصراع «روسى أمريكى إسرائيلى» يتقاسمون فيها النفوذ وينسقون عليها الخطوات، وتنافس «إيرانى تركى عربى» خائب يطبق المثل القمىء «إن خرب بيت أبوك خد لك منه قالب»، فجميعهم يخربون البيت ويسرقونه.
وا دمشقاه!