بقلم: نشوى الحوفى
هل هى حالة جديدة من حالات الابتزاز التى يمارسها الرئيس التركى على أوروبا بتهديدهم بإعادة الدواعش الأوروبيين لهم؟ أم هى صفقة جديدة فى إطار صفقات المنطقة التى باتت تئن تحت وطأة الإرهاب والدول الفاشلة المنهارة بفعل من يعبث بأمنها وشعوبها؟ تساؤلات طرحها إعلان وزير الداخلية التركى سليمان صويلو يوم الجمعة الماضى عن بدء بلاده اعتباراً من اليوم الاثنين ترحيل معتقلى تنظيم داعش الأجانب لبلدانهم. تصريح ليس بالأول ولكن ما يميزه تلك المرة هو تحديد موعد الإعادة. ولفهم المشهد علينا ملاحظة عدة نقاط:
أولاً: أن تركيا كانت على خط الإرهاب منذ بدايات الأحداث فى سوريا عام 2011، بل إنها كانت المعبر للتكفيريين من كل دول العالم لسوريا التى أصبحت محطة اقتتال دولية بشهادة وتقارير الأمم المتحدة والجامعة العربية. وتصريحات الرئيس الروسى، عقب إسقاط تركيا للطائرتين الروسيتين على الحدود السورية فى عام 2015، بأن تركيا هى من تشترى البترول السورى من الدواعش مقابل السلاح والغذاء. ولذا فحديث تركيا اليوم عن إعادة ما لديها من دواعش مبعث هزل.
ثانياً: اعتادت تركيا العضو فى حلف الناتو العسكرى منذ عام 1951 ابتزاز أوروبا باللاجئين والدواعش الأجانب، فضغطت حتى تم توقيع اتفاقية فى عام 2016 تلقت بموجبها وقتها مبلغ 3.5 مليار يورو نظير بقاء اللاجئين على أرضها. ثم عاد الابتزاز مرة أخرى مع تعرض الاقتصاد التركى لنكسات خسرت فيها الليرة التركية ما يقرب من 40% من قيمتها مع فرض «ترامب» لعقوبات على تركيا وقت رفضها الإفراج عن القس الأمريكى المتهم بالتجسس فى 2018، فى ذات الوقت الذى كانت سمعة تركيا فى الحريات فى الحضيض ما أودى بالاتحاد الأوروبى للتنديد بسياسات تركيا وأردوغان. يومها لم تستطع أوروبا فعل أى شىء، فديون تركيا لأهم بنوك فرنسا وألمانيا تتجاوز 200 مليار يورو، وهو ما يعنى تعرض الدولتين لهزات اقتصادية فى حال عجزت تركيا عن النهوض باقتصادها، ثم عاد أردوغان لابتزاز أوروبا مجدداً منذ نحو الشهرين باللاجئين والدواعش معاً مهدداً أوروبا بفتح المجال لهم فى اتجاهها لو حدثت إعاقة ضد عملية نبع السلام التى ضم فيها 32 كم مربع شمال الأراضى السورية التى سارع فى تتريكها تعليمياً وثقافياً ولغوياً واجتماعياً.
ثالثاً: قال سليمان صويلو، وزير الداخلية التركى، فى إعلانه إن السجون التركية بها 1200 مقاتل أجنبى من «داعش»، وآخرون معتقلون فى مراكز اعتقال. هذا غير ما تم التصريح به وقت اجتياح تركيا للشمال السورى عن فرار 750 مسجوناً ينتمون لداعش من السجون التابعة للقوات الكردية. فهل تستطيع تركيا ترحيل هذا العدد بدءاً من اليوم لأوروبا؟
وكما سبق لأردوغان ابتزاز أوروبا باللاجئين وإعادة دواعشهم لهم، سبق لأوروبا وأعلنت رفضها لتلك العودة، فبريطانيا، على سبيل المثال، رفضت عودة مواطنيها المنتمين لداعش لمحاكمتهم على أراضيها، كما رفضت عودة أطفالهم فى أغسطس الماضى. كذلك سبق وأعلنت ألمانيا أن العودة لمواطنيها المنتمين لداعش يجب أن يسبقه تأكد من هوياتهم، كما صرح رئيس جهاز المخابرات الألمانى مؤخراً للدويتش فيلة بأن الوضع السائد فى المنطقة لا يسمح للألمان بتحمل أى مسئولية فى العمليات الخاصة بعودة المنتمين لداعش من الألمان. أما فرنسا، فقد أعلنت على لسان وزير خارجيتها رفضها إعادة مواطنيها المنتمين لداعش دفعة واحدة وأنها ستعالج كل حالة على حدة! وهكذا تتبقى أسئلتنا على حالها.. هل هى حالة ابتزاز تركى جديدة فى ظل الرفض الأوروبى؟ أم أنها صفقة جديدة فى ظل انهيار عربى يعانى الإرهاب والفشل؟
وقد يهمك أيضًا:
ثورات باركها الشعب
مَن قال إن الله أمر بضرب النساء؟