بقلم : نشوى الحوفي
الشباب.. حينما نطرح هذا المسمى على عمومه، فإننا نرتكب خطأً يعيق وصولنا إلى هدف حماية الكل من البعض. بمعنى آخر وأبسط: ماذا تعنى كلمة «شباب» التى نطلقها دوماً طالبين منه الوعى والفهم والتكتل وراء الدولة؟
لو فسرنا المُسمى بالمعنى، فسنجد أن الأمم المتحدة قد وضعته فى الفئة العمرية بين 15-24 سنة بينما قدره تصنيف برنامج دول الكومنولث بأنه فى المرحلة من 15-29. ولو فسرنا المسمى بالنسب السكانية فى مصر لوجدنا أن هذه الفئة العمرية تمثل نحو 26.6% من سكان مصر وفقاً لتعداد الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء. أى ما يوازى تقريباً ربع عدد المصريين. ولكن هذه النسبة تختلف فى تحليلها الاجتماعى والجغرافى، وقد علّمونا أنه حينما نفكر فى الحديث عن الشباب أو الحديث له، فإنه يتوجب علينا دوماً أن نضع فى تقديرنا عدداً من العوامل المتعلقة ببيئته وتعليمه وفكره ومستواه الاقتصادى.
إلا أن الواقع الذى نحياه بات يفرض علينا عوامل أخرى فرضتها من جانب تكنولوجيا العصر الذى نحياه وباتت تفرض سطوتها علينا وأشهر ملامحها وسائل التواصل الاجتماعى. ومن جانب آخر علينا فهم ما فات هؤلاء الشباب تعلمه من فكر ناقد قادر على التمييز بين الزيف والواقع، وبين الحقيقة والتضليل، بسبب العديد من الأسباب فى السنوات الأربعين الأخيرة، ومنها غياب تربية الأسرة وتعليم المدرسة والجامعة والإعلام والثقافة والفن.
ومن هنا يكون السؤال الذى وجب علينا مواجهته: لماذا لا يصدق نسبة كبيرة من الشباب ما تقوم به الدولة من تنمية وحماية من إرهاب وسعى لتطوير الحاضر والإعداد للمستقبل؟ لماذا يسارعون لنشر وترديد وتصديق كل ما ينشر ضد بلادهم وغالبيته بلا دليل، بل ويطالبون الدولة بإثبات العكس رغم أن البينة على من ادعى؟
نتفق فى البداية أنه ومنذ العام 2015 بدأت مصر فى السعى بجدية وراء هذه الفئة العمرية على تنوعها عبر أكثر من وسيلة، لعل أبرزها مؤتمرات الشباب والبرنامج الرئاسى لتدريب الشباب والعديد من برامج التدريب التى تقدمها مؤسسات الدولة للمتميزين فى الجامعات والوظائف المختلفة، كما أنه يوجد فى هذه الفئة الكثيرون ممن يؤمن بالعمل والدولة وصياغة مستقبله وفقاً لما نشأنا عليه. إلا أن ما زال من بين الشباب من هو شارد عن مسار الوطن غير مصدق له ولا لفعله. وربما وصل به الأمر للكفر بوجوده فى أبشع صورة للتطرف الذى هو أولى خطوات الإرهاب.
ربما الأزمة تكمن فى الفجوة بين ما تتحدث به الدولة وتنفذه فى قمة جهازها التنفيذى والإدارى من رئاسة ومؤسسات، وبين ما يراه الشباب على أرض الواقع كل فى بيئته ومحيطه. فالدولة تؤسس وتفتتح مشروعات لم يكن يخطر فى بال أكثر المتفائلين قدرتنا على إقامتها منذ 6 سنوات. تتنوع ملامحها فى بنية تحتية وإسكان ومشاريع صناعية وزراعية وتجارية وتعليم وصحة ونقل ومواصلات وتحسن اقتصاد رغم كل محاولات التركيع الممارسة ضدنا. بينما الشباب ما زال يعانى من إدارة سيئة للمحليات وفساد متراكم منذ سنوات يجعل من تطوير أو رصف طريق قد لا يتجاوز طوله 20 كم يمتد لسنوات. أو يرى غياب الرقابة فى تقديم الخدمات، فى ظل جهل بعض النخب وتردى حال الإعلام وعدم انتشار الثقافة بما يسمح باحتواء تلك الكتلة.
من هنا ربما زادت الحاجة لإصدار قانون المحليات الذى تأخر إصداره والسماح للشباب بالمشاركة فى إدارتها، وتطوير الإعلام بما يتناسب وتكنولوجيا العصر الذى بات فيه المحمول ناقلاً للخبر قبل القناة والصحيفة. ومن قبلهم علينا بدولة القانون التى تحقق العدالة الناجزة للجميع دون إبطاء.