توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكساس.. أكذوبة الحلم الأمريكي

  مصر اليوم -

تكساس أكذوبة الحلم الأمريكي

بقلم: نشوى الحوفى

حينما تبحث عن تكساس الولاية الأمريكية الواقعة فى الجنوب الأمريكى، تجد أنها ثانى أكبر الولايات الأمريكية من حيث المساحة والسكان البالغ عددهم نحو 29 مليون نسمة. ولاية تزرع مساحات شاسعة منها، ما عدا 10% فقط عبارة عن صحراء. تكساس الملقبة بعاصمة الطاقة لغناها بالبترول، حيث تعد أكبر منتج له فى أمريكا. تكساس الغنية بالصناعات المختلفة فى الزراعة والبتروكيماويات والطاقة والتكنولوجيا، تكساس التى تدعم الاستثمار فى مجال التعليم، خاصة الجامعات التى يتجاوز عددها 30 جامعة.

تلك هى تكساس الأمريكية.

ولكن الأخبار عن تكساس هذه الأيام فى وسائل الإعلام لا تتحدث عن حضارة تكساس أو الجامعات فى تكساس أو ثراء تكساس، ولكنها تتناول كارثة تكساس التى ضربتها عاصفة ثلجية مؤخراً وتسببت فى محاصرة ملايين السكان فى بيوتهم ليواجه ملايين البشر انقطاع الكهرباء، كما عانى ما يقرب من نصف سكان تكساس من انقطاع المياه. وسجلت الوفيات بها 20 حالة وفاة بسبب العاصفة والثلوج التى اجتاحت الولاية مؤخراً. فى تكساس الأمريكية حوصر السكان بدون كهرباء وبدون تدفئة فى البيوت. وفقاً لحاكم مدينة تكساس فإن الخسائر لا يمكن تقديرها بعد، ولكن الواقع تعكسه كلمات الرئيس الأمريكى المنتخب حديثاً جو بايدن الذى قال إن الولاية تتعرّض لكارثة إنسانية تستدعى نقل المساعدات من الحكومة المركزية لها. وبخاصة مع إعلان تضرّر أكثر من 1300 منظومة مياه فى الولاية.

تشارك تكساس تلك المأساة عدداً من الولايات فى جنوب الولايات المتحدة تعرضت أيضاً هى الأخرى لعواصف ثلجية وجليدية تسبّبت فى انقطاع المياه. فى الوقت نفسه الذى نقلت فيه قناة «سكاى نيوز» منذ أيام عن المتحدثة باسم البيت الأبيض الأمريكى تصريحاً قالت فيه إن التحقيقات بيّنت أن نقص الغاز والفحم هو السبب وراء أزمة الكهرباء فى تكساس!

ما يحدث فى الولايات المتحدة ليس بالجديد على المتابع لوضع بنيتها التحتية وفقاً للتقارير الدولية، فأمريكا البلد الذى يحتل المرتبة الأولى فى الاقتصاد العالمى تعانى من تآكل بنيتها التحتية بشكل رهيب منذ سنوات. ففى عام 2016 أجرت الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين دراسة أكدت فيها أن عدم مواجهة مشكلات البنية التحتية فى الولايات المتحدة سيؤدى إلى خسارة قدّرتها الدراسة بنحو 4 تريليونات دولار خلال الفترة من 2016 - 2025. يومها رصد التقرير الذى تناقلته وكالات الأنباء أوجه قصور فى الطرق والكبارى والمطارات والممرات المائية وخدمات الكهرباء والمياه. يومها أكدت الدراسة أن تلك الأزمة لن تتسبّب فقط فى الخسارة الاقتصادية، بل فى فقدان نحو 2.5 مليون مواطن أمريكى لوظائفهم، بالإضافة إلى تأثر إنتاجية قطاع الأعمال وإجمالى الناتج المحلى والدخل الشخصى، والقدرة التنافسية العالمية.

إذاً الوضع فى تكساس نتيجة العاصفة الثلجية المريعة التى وصلت معها درجات الحرارة إلى 20 - 30 درجة تحت الصفر، ليس بالجديد أو المفاجئ، ولكنها نتيجة حتمية لتراجع صيانة المرافق والاستثمار فى البنية التحتية كما يحدث فى جميع دول العالم، حينما تغيب خطط التنمية المستدامة لكل دولة.

من هنا يفرض السؤال البديهى نفسه: إذا كانت الولايات المتحدة هى الاقتصاد الأول على العالم، والمهيمنة على إدارة العالم كما تدّعى، وصاحبة القيم والحقوق الأمريكية التى تفخر بتقديمها للمواطن الأمريكى والمن بها على بقية الدول إلى حد السعى لفرضها بالقوة، البلد الذى ينفق على ميزانية قواته المسلحة 650 مليار دولار سنوياً، إذا كانت أمريكا هى كل هذا، فكيف لا تفكر فى حقوق المواطن البسيطة فى الحياة وقت الكوارث؟ كيف لا تدعم فكر التنمية المستدامة باستثمار فى بنى تحتية للاستعداد لكل ما هو آت؟ كيف تعجز ولاية يسمونها بعاصمة الطاقة فى توفير الغاز والفحم لمحطات الكهرباء لتوليد ما يكفى من تدفئة البشر هناك، ليستطيعوا مواجهة تلك الموجة المميتة؟ كيف تنضب أرفف محلات البقالة من البضائع، فيعود الناس إلى بيوتهم الخالية من الكهرباء والتدفئة والمياه، بلا غذاء؟

حديثى يضع التساؤلات أمام إدراكنا، لنتوقف عن النظر إلى أمريكا على أنها أرض الأحلام وربما نكف عن جَلد الذات دوماً وننظر لأنفسنا بما يليق.. إذ أتساءل ماذا يمكن أن يحدث لو أن ما حدث فى تكساس كان فى القاهرة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكساس أكذوبة الحلم الأمريكي تكساس أكذوبة الحلم الأمريكي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon