بقلم: نشوى الحوفى
فى أعقاب الحادث الإرهابى الذى وقع يوم 2 نوفمبر الحالى فى العاصمة النمساوية فيينا، وأوقع أربعة قتلى بالقرب من معبد يهودى على يد إرهابى يحمل الجنسيتين النمساوية والمقدونية يدعى «كارتين» -أعلن تنظيم داعش انتماءه إليه ومسئوليته عن الحادث- أعلنت الشرطة النمساوية تتبعها للكثير من المتطرفين، سواء ممن لهم سوابق أو من على صلة بجماعات إرهابية بما فيها جماعة الإخوان. ربما كان ذلك بعد اعتراف وزير الداخلية النمساوى بعدم التعامل بجدية مع معلومات أرسلتها حكومة بلجيكا عن المتهم فى ذلك الحادث قبل وقوعه بفترة.
وتناقلت وكالات الأنباء معلومات عن مداهمة الشرطة النمساوية على مدار الأيام السابقة لأكثر من ستين مركزاً على ارتباط بجماعة «الإخوان المسلمين» وحركة «حماس» فى 4 مناطق مختلفة. بينما أصدرت النيابة العامة النمساوية بياناً ذكرت فيه أن تلك المداهمات جاءت على خلفية تحقيقات بدأت منذ العام استهدفت بها 70 من المشتبه فى علاقتهم بالإرهاب، وعدداً من الجمعيات التابعة للإخوان المسلمين وحماس، اللتين وصفتهما بالإرهابيتين.
هذه الأخبار ربما تُعد مفاجئة للبعض من غير المتابعين لحركة التنظيم الدولى للإخوان الذى ينتشر حسب وصف عضو التنظيم البارز كمال الهلباوى -فى حديثه التليفزيونى لى عام 2012- فى أكثر من 72 دولة حول العالم. فالإخوان كانوا على صلة بأوروبا كلها منذ أربعينات القرن الماضى وتوثقت تلك العلاقة بعد هجرة الكثير منهم إلى دولهم بعد المواجهات بينهم وبين الدولة المصرية فى فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وتحديداً بعد محاولة اغتياله فى المنشية 1954، وأحكام القضاء على الكثيرين منهم. ربما من أبرز الأسماء سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا، وهو والد كل من هانى وطارق رمضان، يتولى الأول حتى اليوم المركز الإسلامى فى جنيف بسويسرا، بينما أُوقف الثانى عن التدريس الجامعى فى بريطانيا بسبب اتهامات بالتحرش والاغتصاب لاحقته على مدار العامين الماضيين.
هناك أيضاً يوسف ندا فى سويسرا، وهو بنك الإخوان المتنقل وحافظة استثماراتهم رغم التحفظ على بنك البركة، الذى كان يديره لحسابهم، وهناك أيضاً عبدالرحمن صلاح، الموصوف برجل خارجية الإخوان، كان رئيساً للجالية الإسلامية فى سويسرا، وهو من رتّب اللقاءات السنوية فى الفترة من 2001 - 2004 بين قيادات إخوان الداخل وأعضاء أجهزة مخابرات أوروبا والسى آى إيه لتقديم جماعة الإخوان كبديل للحكم فى مصر والعالم العربى قبل سنوات مما سُمى زوراً باسم الربيع العربى. وغيرهم الكثيرون ممن نعرفهم أو لا نعرفهم، ففى مدينة برمنجهام البريطانية تجمعات لقيادات الإخوان وجمعياتهم بشكل يثير الريبة وتحت بصر وسمع الحكومة هناك! مجلس العموم البريطانى كان قد ناقش تقريراً فى عام 2016 أكد فيه أن أفكار جميع الجماعات الإرهابية التى تنتمى للإسلام فى العالم مستقاة من أفكار الإخوان ورغم ذلك لم تعلن بريطانيا الإخوان جماعة إرهابية!!
ألمانيا الشىء ذاته، وقد بدأت علاقة الإخوان بها منذ سنوات طويلة وفى عام 2019 نشر موقع «دويتش فيلله» الألمانى تقريراً أفاد باعتبار سلطات الأمن الألمانية حركة الإخوان المسلمين أكثر خطراً من تنظيمى داعش الإرهابى والقاعدة على الحياة الديمقراطية فى ألمانيا. وذكر التقرير وقتها أن مصادر بأجهزة المخابرات الألمانية أكدت زيادة إقبال الشباب المسلم فى ألمانيا على منظمات أو مساجد لها علاقة بالإخوان المسلمين، خاصة فى ولاية شمال الراين فيستفاليا. كما ذكر التقرير تأثير الإخوان على المجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا عبر ممثلهم الرئيسى «الجمعية الإسلامية» ومقرها كولونيا، ورغم هذا لم تصنف السلطات الألمانية الإخوان كجماعة إرهابية!!
أوروبا لم تفق مرة واحدة على خطر الإخوان، كما لم تستشعر توغل نفوذهم فى بلدانها هكذا فجأة! فكل ما فعلوه على مدار سنين وجودهم فى دولها كان تحت سمع وبصر وتمويل الحكومات هناك ولا يزال. ولذا يبقى السؤال المُلح لماذا الآن بدأت المداهمات والتحقيقات فى النمسا وبلجيكا وغيرها من دول أوروبا؟ ثم ماذا بعد التحقيقات والمداهمات؟ هل سيتم إعلان «الإخوان» إرهابية؟ هل سيتم إلقاء القبض على المنتمين إليها؟ هل سيتم دعم جهود دول عربية كثيرة تعانى خطر الإخوان، وفى مقدمتها مصر؟ لا أحد يعلم، ولكن من المهم المتابعة.