بقلم : نشوى الحوفي
فى الثانى والعشرين من ديسمبر الجارى نشر موقع «العربية» الإخبارى تقريراً هاماً يمكن وصفه بالمخابراتى لا بالصحفى، فالتقرير المعنون باسم «قمة كوالالمبور وقمة القاعدة» حوى الكثير من المعلومات التى سعت لتوضيح مكانة العاصمة الماليزية فى جمع الإسلام المتطرف فى العام 2000 واستضافة القمة التى دعا لها رئيس الوزراء الماليزى مهاتير محمد مؤخراً واصفاً إياها بالإسلامية وضمت رؤساء إيران وتركيا وقطر.
وفق تقارير جهازَى المخابرات الماليزى والأمريكى، فقد عُقدت فى الفترة من 5 إلى 8 يناير 2000 قمة لبعض أعضاء تنظيم القاعدة فى كوالالمبور بإحدى الشقق السكنية التى كانت مقر إقامة أحد أعضاء الجماعة الإسلامية فى ماليزيا، للتخطيط لتنفيذ عملية تفجير المدمرة الأمريكية «يو إس إس كول»، فى أكتوبر 2000، ووضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001 . كان من أشهر الحاضرين خالد شيخ محمد، العضو فى جماعة الإخوان المسلمين بالكويت، رمزى بن الشيبة، محمد عطا، وزكريا الموسوى. وقامت هذه المجموعة -وفقاً للتقرير- بالتنسيق مع باقى المجموعات الموزعة بين باكستان وأفغانستان للإعداد للهجمات. بعضها قام بشراء وإعداد المتفجرات المستخدمة فى الهجمات، وبعضها قام بالتدريب على قيادة الطائرات، وذلك قبل انتقالهم إلى أفغانستان للحصول على التدريب النهائى على يد «أبوتراب» صهر أيمن الظواهرى، ليكون ما شهده العالم على الهواء مباشرة من تفجيرات.. ولكن يبقى السؤال: إذا كان ما تم من اجتماع قد تم تسجيله من قبَل المخابرات الماليزية دون صوت بطلب من المخابرات الأمريكية، فلماذا لم يتم التحرك قبل تنفيذ الهجمات؟!
ثم ينتقل التقرير إلى قمة مهاتير محمد الأخيرة عارضاً وقائع غير متداولة، من بينها تأسيس مهاتير محمد فى عام 2014، بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، الذى عُقدت دوراته فى الدول المتحالفة مع التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا والسودان وتونس، بحضور مختلف التنظيمات والحركات الإسلامية وقياداتها الأخرى. وتم تعيين 3 نواب لرئيس المنتدى من بينهم الموريتانى «محمد ولد الددو الشنقيطى»، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين فى قطر ومفتى الجماعات الجهادية المسلحة، و«أمرالله إشلر»، نائب رئيس الوزراء التركى السابق، و«على عثمان طه»، نائب الرئيس السودانى السابق «عمر البشير»، بينما تولى «عبدالرزاق مقرى»، مرشد الإخوان بالجزائر، منصب الأمين العام للمنتدى. وكان هذا المنتدى هو المسئول عن الإعداد للقمة التى استضافتها ماليزيا مؤخراً وفشلت فى تجميع أى دول إسلامية عدا الأربع السابق ذكرها.
ووفقاً لتصريحات مهاتير محمد على موقع القمة (التى ماتت فى مهدها) فإنه بدءاً من العام 2020 سيتم تحويل اسمها إلى «مؤسسة بيردانا لحوار الحضارات»، نسبة لحدائق بيردانا التى أُسست فى كوالالمبور 1888 كملاذ آمن فى عصور الاحتلال، برئاسته وعضوية 5 نواب هم: «أحمد سرجى» الأمين العام للحكومة الماليزية، «الشيخة موزة بنت ناصر المسند» زوجة أمير قطر ورئيسة مؤسسة قطر للتربية والعلوم، والموريتانى «محمد ولد الددو الشنقيطى»، «بيرات البيرق» صهر أردوغان، «محمد عزمين» وزير الشئون الاقتصادية بماليزيا، ويتولى عبدالرازق مقرى، مرشد الإخوان بالجزائر، رئاسة مجلس الأمناء مع الماليزى «شمس الدين».
من قراءة التقرير تدرك أن هؤلاء لم تجمعهم الصدفة ولا بحث أحوال المسلمين التى تاجروا بها على مدار سنوات طويلة، فلا فرق بين تجمُّع القاعدة فى العام 2000 ولا تجمُّع مهاتير وصحبه فى 2014 و2019. فما يجمعهم هو فكر الإخوان الباحث عن مخرج للأزمة التى باتوا يعيشونها منذ يونيو 2013، يتحدث جميعهم، على اختلاف مسمياتهم، عن خلافة باسم الدين، دون إدراك لوعى الشعوب وحاجتها لنهضة إنسانية أخلاقية دون تمييز. يخططون لفكر الهدم لا أسس البناء.