بقلم - نشوى الحوفى
توقفت أمام كتابات الكاتب وحيد حامد عن مستشفى علاج سرطان الأطفال «57357»، أحسست كغيرى بفداحة المكتوب عن نموذج طبى مصرى لم يمنح أبناءنا فقط فرصة العلاج الآدمى الذى يستحقونه، بل منحنا نحن الأصحاء الأمل فى إمكانية أن يكون لدينا مؤسسات صحية بالمستوى العالمى لخدمة أطفالنا المرضى عبر تبرعاتنا. توقفت أمام حديثه عن فساد ومضاربة فى بورصة وشراء أراضٍ وإمبراطورية يديرها مدير المستشفى دكتور شريف أبوالنجا وكأنه الرجل الثانى أو اللهو الخفى لا تصل له يد الرقابة أو المتابعة؟! بينما جميعنا يرى أن مستشفى 57357 يعمل فى العلن يزوره ويتابعه الوزير والخفير وضباط الجيش والشرطة.
كنت سأحترم كتابات وحيد حامد وأُبعد ظنونى السوداء عن رأسى فى أن ما يقوم به ليس حرباً شخصية، لو أنه تحدث عن منظومة التبرعات فى مصر لكافة المؤسسات الصحية التى تنتهج مبدأ الإعلان لجمع التبرعات والتى كان وحيد حامد نفسه بطلاً لأحد إعلانات إحداها، وهى مؤسسة مجدى يعقوب فى العام 2014! نعم نحن بحاجة لمظلة لفهم طبيعة التبرعات التى تصل ليد كل المؤسسات الخدمية المملوكة للمجتمع المدنى، لا من باب السيطرة والتحكم، ولكن من باب الحماية والشفافية ودرء الشبهات. ولكن وحيد حامد ترك الجميع ومسك فى إعلانات ونفقات وعدد أسرّة المستشفى وعدد المعالجين فى مستشفى 57357! طيب وماذا عن مركز قلب مجدى يعقوب، هل تعلم حجم تبرعاته؟ هل تعلم عدد العمليات التى يقوم بها؟ هل تعلم حجم الإنفاق وأوجهه؟ ماذا عن تبرعات «الأورمان» أو «أهل مصر» أو «مصر الخير» أو «بهية»؟ لمَ كان الهجوم على «57» دون غيره، رغم أنهم لم يفعلوا ما يزيد عن غيره من المؤسسات؟
لم يكن هذا فقط ما لفت نظرى، ولكننى توقفت عند بند الإنفاق على علاج المرضى وبند مرتبات العاملين فى المستشفى من تمريض وأطباء ونظم معلومات. وتساءلت: هل يمكن فصل العلاج عن رواتب القائمين عليه؟ فعلاج المرضى لا يعنى فقط تقديم الدواء أو إجراء جراحة أو جلسات الإشعاع، لأن من يقوم بتلك الأمور هم التمريض والأطباء ويضاف فى المؤسسات العلاجية الحديثة نظم المعلومات لإدارة المنظومة بالتكنولوجيا. وبالتالى فرواتب القائمين على العلاج هى جزء من تكلفة العلاج الذى لن يصل للمرضى عبر الجنيات؟! أذكر مقولة للكاتب وحيد حامد قال فيها «لو استطعت أن تأخذ حقنة فى الخارج فلا تأخذها داخل مصر»، فى إشارة لجودة التمريض والطب فى الخارج الذى أجرى به عملياته الجراحية؟ أفعندما تمتلك مصر صرحاً تتوافر به كفاءات مميزة ولا يعملون خارجها نهائياً - لا فى مستوصف ولا عيادة - يصبح الأمر عاراً؟ ومعلوم أن الكفاءة تحتاج لدخل يكفيها.
ثم توقفت عند منح مبلغ 37 مليون جنيه لجمعية أصدقاء مرضى السرطان لتوفير محطات الصرف الصحى لقرى مصر! وهو أمر عجيب آخر فى استفسارات السيد وحيد لأنه يعلم أن التلوث البيئى مصدر مروع لانتشار السرطان وأن المستشفى مارس عبر وزارة التنمية المحلية ونواب الشعب والمحافظين دوراً فى المساهمة فى علاج تلك الأزمة لمنع المرض من جذوره.
تحدّث وحيد حامد فلم أسمع سوى صوت هوى الذات لا الصالح العام. كنت أتمنى لو أن لديه شكوكاً أو أوراقاً أن يتقدم بها فوراً للنائب العام طالباً التحقيق للتيقن قبل النشر إن كان هدفه مصلحة المتبرعين وأموالهم. ولكن بدا الهدف رأس أبوالنجا.. فضاع الصالح العام.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع