بقلم: نشوى الحوفى
بينما ما زال معدل النمو السكانى فى بلادى مرتفعاً ويمثل زيادة بشرية كل عام تعادل سكان بعض البلاد حولنا بنسبة 2.6%، وبشكل يهدد نسب النمو الاقتصادية وحركة التنمية المستدامة التى تسعى الدولة إلى تحقيقها، نشر موقع دويتش فيلة الألمانى تقريراً أمس الأول، الثلاثاء 12 يناير 2021، بيان المكتب الاتحادى للإحصاء فى فيسبادن الخاص بتقدير عدد سكان ألمانيا، مشيراً إلى أنه لا يزال 83.2 مليون نسمة دون أى زيادة!
وذكر التقرير أن عوامل ثبات عدد السكان الألمان ترجع إلى عدة عوامل، منها انخفاض صافى الهجرة، أى الفرق بين عدد المهاجرين من ألمانيا والمهاجرين إليها، ثم زيادة عدد الوفيات وانخفاض طفيف فى عدد المواليد، وأن عدد السكان فى ألمانيا كان قد تعرض للزيادة منذ الوحدة الألمانية وانهيار حائط برلين فى عام 1989. ووفقاً لبيان المكتب الاتحادى للإحصاء، فإن عدد المواليد فى ألمانيا فى عام 2020 تراوح بين 755 ألفاً و775 ألف مولود جديد، بينما جاء عدد المتوفين بما لا يقل عن 980 ألف شخص. وأشار التقرير إلى أن هذا نتج عنه ما يُعرف باسم «عجز المواليد» وقدرت نسبته بما لا يقل عن 205 آلاف إنسان. وبذلك يتفوق هذا العجز عن مثيله فى عام 2019 بنحو 161.430 إنساناً.
يحدث هذا فى ألمانيا التى توصف بأنها قاطرة الاقتصاد فى أوروبا ويتجاوز ناتجها القومى 5 تريليونات دولار سنوياً، كما يصنف اقتصادها كأحد أهم الاقتصادات العالمية حيث يأتى فى المركز الرابع فى الترتيب دولياً. كما يوجد بها عدد من المصانع التى تحوز ثقة المستهلك على المستوى العالمى كمصانع السيارات والأدوات الكهربائية ومصانع الآلات الضخمة المستخدمة فى مشروعات البنية التحتية. بلد بتلك المواصفات الاقتصادية لم يزد به السكان فى هذا العام 2020، بل إنه يمكن القول إن تعداد سكان ألمانيا ربما لم يتحرك بشكل كبير منذ سنوات، حيث إن تعداد السكان فى العام 2014 كان 80 مليوناً و760 ألف نسمة، ولا ننسى هنا أن تعداد السكان فى ألمانيا يدخل فيه المهاجرون للعيش فى ألمانيا.
من هنا تكون الحاجة إلى التفكير فى مستقبل مصر السكانى فى ظل تقلبات وتغيرات تضرب العالم وعلينا اتخاذ إجراءات فاعلة وحاسمة فى ذلك الملف لنستطيع الحياة بكرامة وتقليل نسب الفقر التى تعد إحدى أولويات أى اقتصاد. يقدر تعدادنا اليوم بنحو 101 مليون و411 ألف نسمة، بينما بلغ تعدادنا 92 مليوناً فى عام 2016، أى إننا زدنا فى أربع سنوات نحو 9 ملايين، بينما زادت ألمانيا 2 مليون نسمة فى ست سنوات! وزدنا بنحو 23.7 مليون إنسان فى الفترة من 1990 - 2008، أى إن الزيادة على مدار 18 سنة بلغت نسبتها 41% من تعداد السكان. يحدث هذا فى بلد مثقل بأعباء التنمية والارتقاء بحياة المواطن ودخله ومكافحة الفقر وقضايا التعليم والصحة والإسكان، بينما ناتجها القومى فى 2020 بلغ 361 مليار دولار. نعم ارتفع الناتج القومى من 332 مليار دولار فى العام 2015، ولكن نسب النمو لا تتناسب مع النمو السكانى واحتياجات السكان.
أدرك أننا بحاجة إلى المزيد من العمل والإنتاج أضعافاً مضاعفة لاستيعاب تلك الزيادة فى عجلة الإنتاج فيتضاعف الناتج القومى ككل لأنه هو المستقبل. ولكن أدرك فى ذات الوقت أن عبارات من عينة «العيل بييجى برزقه» و«اغلِبيه بالعيال يغلبك بالمال» وغيرها، من الممكن أن تكون حجر عثرة فى تغيير نمط حياتنا وتحقيقنا لما نصبو إليه من تطوير وارتقاء. نعم، يمنحنا الله الرزق ولكنه أمرنا بالتعقل والتدبر والحساب للنتائج، أما المباهاة بنا بين الأمم، فكان المعنى بها الكيف لا الكم، إذاً، كيف تكون المفاخرة بالمرضى والفقراء والجهال؟
أعلم حجم التحدى الذى يواجهنا على مستويات الإقناع وتغيير الوعى بين المواطنين، ومن قبلهم مؤسسات الدولة الفاعلة فى هذا الملف والذى ربما لا تقتنع بأهمية وجدوى سرعة التحرك فى هذه القضية الشائكة، ولكن الأيام المقبلة تحتاج مواجهة حاسمة من الدولة فى التعامل مع الزيادة السكانية وثقافتنا الإنجابية.
فهل نقتدى بألمانيا؟