بقلم: نشوى الحوفى
فى مايو من عام 2017 تزايد الحديث إعلامياً فى الغرب والدول العربية عما سمى وقتها باسم «الناتو السنى»، على أن يضم دولاً عربية مع إسرائيل لمواجهة إيران! وقالوا إنه نسخة مكررة من حلف الناتو العسكرى الذى تقوده الولايات المتحدة ويضم 28 دولة، من بينها تركيا. كان هذا الحديث مقروناً بالحديث عن صفقة القرن التى قالوا إنه يجرى الإعداد لها على قدم وساق لإقامة دولة للفلسطينيين فى جزء من سيناء يمتد من قطاع غزة إلى منطقة بئر العبد فى سيناء (نفس خطة مائيرا إيلاند القديمة منذ 2004). يومها صمتت مصر ولم تعلق رغم كل شائعات الإخوان ومن موّلهم ووالاهم.
بعدها بأيام كان موعد العالم مع القمة التى سموها إسلامية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية فى الرياض والتى قيل إنها أيضاً لمواجهة الإرهاب وبخاصة الإيرانى، وتم على أثرها تكوين مؤسسة قالوا -أيضاً- إنها عالمية لمكافحة التطرف وسموها «اعتدال». ويومها عاد «ترامب» إلى واشنطن ومعه 396 مليار دولار من السعودية للاستثمار فى البنية التحتية وشراء أسلحة أمريكية، وكتب مغرداً على صفحته على «تويتر» قبل أن تهبط طائرته فى بلاده: «ملايين من الوظائف وتجديد البنية التحتية». وفى تلك القمة حضرت مصر فى شخص رئيس جمهوريتها الذى قال لهم صراحة إنه لو أردنا مواجهة الإرهاب فلننظر فيمن يموله ويؤوى زعماءه ويحتل أرضاً عربية ويرفض تسليم مطلوبين للعدالة.
بالنسبة لى... لم أكن بحاجة لنفى بلادى لكل ما سبق الإعلان عنه سواء صفقة القرن أو الناتو السنى، وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن مصر لا تدخل فى أحلاف عسكرية باسم الدين أو العسكرية، فما بالك لو كانت إسرائيل عضواً فى حلف أطلقوا عليه «ناتو سنى» لتغييب العقول؟ كما أن قضية فلسطين قضية أمن قومى مصرى وإن خانوا أو عادوا من ضحى بالدم من أجلهم. ورغم ذلك سرعان ما خرج الرد المصرى يومها واضحاً حاسماً: «مصر لا تدخل فى تحالفات، ولا تقبل إلا بالحل العادل للقضية الفلسطينية فى إطار حل الدولتين».
ورغم ذلك تستوقفك التصريحات الإسرائيلية التى خرجت منذ أيام على لسان وزير الدفاع الإسرائيلى، بينى جانتس، ونقلتها «رويترز» وقال فيها إنه «ينوى إقامة ترتيب أمنى خاص مع دول الخليج العربية التى لها علاقات مع إسرائيل»، وامتنع «جانتس»، وفقاً لـ«رويترز»، عن شرح تفاصيل أكثر بشأن شكل وطبيعة الاتفاق الأمنى مع دول الخليج.
كان هذا تصريح «جانتس»، أما هيئة البث الإسرائيلية فقد أعلنت، نقلاً عن مسئولين إسرائيليين، أن إسرائيل تجرى اتصالات مع دول غربية لتأسيس تحالف دفاعى إقليمى بمشاركة عدة دول عربية فى ظل التهديد الإيرانى. ليس هذا وحسب، بل نشرت «يديعوت أحرونوت» أن وزير الدفاع الإسرائيلى «جانتس» التقى سراً بالملك عبدالله الثانى، ملك الأردن، لمناقشة شكل هذا التحالف الدفاعى! كما عرضت وسائل الإعلام الإسرائيلية لمكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، وولى عهد البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، فى هذا الشأن أيضاً.
إسرائيل لا تمل ولا تنسى أهدافها حتى ولو فشلت فيها، هذا دأبهم منذ آلاف السنين. يعرفون أن العجز عن تنفيذ خططهم لا يعنى تلاشيها، ولكن يعنى أن عليهم العمل بشكل مختلف لتحقيقها. ونحن من نعطيهم الفرصة بغباء نُحسد عليه لتصحيح خطاهم وتنفيذ ما سعوا له. ننسى التاريخ والهوية، ونمنح من قتل الأجداد وسلب الأرض مسوغات المرور والتبرير الذى وصل بقادة عرب فى قمة بولندا الأمريكية - الإسرائيلية فى عام 2019 أن يعلنوها ببساطة أنهم عاشوا عمرهم فى وهم أن إسرائيل هى العدو، بينما إيران هى العدو الذى يجب أن يتحدوا مع إسرائيل لمواجهته! هكذا!! دون أن ندرك أن ملالى إيران أحد أذرع الصهاينة تماماً كالإخوان وجهان لعملة واحدة يحاربوننا بهما باسم الدين وتخرج من عباءتهما عشرات الفصائل الإرهابية باسم الدين أيضاً لمزيد من هدم الأوطان. وهكذا نسينا وضللنا الطريق نحو تعريف العدو فنسينا حدوتة الطفولة حين أخبرونا عن نجاح الذئب فى أكل الحملان التى خالفت نصيحة أمهم حين طلبت منهم ألا يفتحوا الباب لغيرها.