بقلم - نشوى الحوفى
ظهرت عيوبنا جميعاً فى أزمة السيول الأخيرة.. إعلام لا يعرف المهنية فى التعامل مع الأزمة ليدرك أن مهمته ليست سبّ أو محاكمة المخطئ، بل إخبار المواطن، على مدار الساعة، بما يحدث وتطوراته ومساعدته فى الوصول للمعلومة، وجهات كافة لم تصدق «الأرصاد» ولم تهتم بتحذيرها، وشعب يجيد توجيه اللعنة والقفشات فى نفس ذات الوقت دون جدية فى التعامل مع الأمر، لينتهى به الأمر بندب حاله. ودعونى أقرأ معكم صفات الإنسان كما رأيتها فى تقرير الرقابة الإدارية الصادر أمس الأول السبت عن حقيقة ما جرى فى أحداث غرق مناطق كثيرة فى التجمع الخامس، لتدركوا احتياجنا لبناء البشر أولاً، وضع تحتها ملايين الخطوط، قبل إنفاق مليارات وملايين على الحجر الذى يسقط ويغرق ويضيع فى غياب العنصر البشرى الكفء: - الاستهتار.. ليس فقط بعدم اهتمام كافة الجهات فى الدولة بتحذيرات الهيئة العامة للأرصاد المؤكدة لتعرُّض البلاد لرياح شديدة مصحوبة بسقوط أمطار تصل للسيول فى بعض المناطق كما ذكر تقرير الرقابة، ولكن أيضاً فى متابعة وصيانة القدرة الاستيعابية لمحطات الرفع التى تعرضت لأمطار كثيفة فاقت القدرة الاستيعابية لها، مما تسبب فى حدوث ارتداد للمياه بعدد من المحطات بعد ارتفاع منسوب المياه بها! ثم كانت الكارثة حينما حدثت تجمعات مائية كبيرة وصلت لمحطة محولات كهرباء الحى الرابع بالقاهرة الجديدة، فانقطع التيار الكهربائى، وتوقفت معه بعض محطات الرفع بالمدينة لفترات طويلة تصل لعدة ساعات تسببت فى خلل جسيم بنظام الصرف فى القاهرة الجديدة كلها!
- غياب الضمير والرقابة أيضاً.. وهو ما يتضح فى تعرُّض التقرير لوجود مخالفات فى إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحى بالقاهرة. - عدم القدرة على العمل كفريق حتى فى الأزمة.. وتلك كارثة الكوارث عندما يذكر تقرير الرقابة الإدارية عدم حرفية ومهنية إدارة الأزمة فى ظل غياب التنسيق بين وزارات الإسكان والكهرباء والنقل ومحافظة القاهرة للاستفادة من قدراتهم! نعم، فما زلنا نعمل فى جزر منعزلة لا يعنيها نجاح المنظومة بل حماية «الأنا العليا لكل مسئول»! - الإهمال.. وتلحظه فى التقرير الرقابى وأنت تقرأ عدم كفاية مطابق الصرف بالطرق الرئيسية والفرعية بالمدينة، أو اتخاذ إجراءات تكفل تلافى آثار الحفر الموجودة بمنطقة أبراج سما بالطريق الدائرى حتى الأوتوستراد، مما أدى لانسداد المطابق، وعدم وجود خطوط صرف أو بالوعات بطريقَى الكورنيش والأوتوستراد، وتجمُّع المياه، وإعاقة حركة المرور بالطريق الدائرى! وهكذا، يؤكد كل ما سبق غياب البشر بسمات الكفاءة المُصرة على إجادة كل ما تقوم به، والانتباه والمسئولية عن كافة التفاصيل، والعمل كفريق، وبخاصة وقت الأزمات، فعن أى «تابلت» للصف الأول الثانوى يتحدث وزير التربية والتعليم فى ظل غياب الفرد المواطن، سواء كان طالباً أو معلماً أو مسئولاً؟! استمعت لوزير التربية والتعليم وآمنت بحلمه فى تعليم مختلف وبناء قدرات الفرد ومهاراته، وأوافقه وأؤيده كل التأييد، ولكننى ضد اقتراح أن تكون التكنولوجيا الفائقة فى يد من يفتقد لقيم ومهارات البشر فى التعامل مع المسئولية.
وحتى لا نغرق جميعاً، كما غرق التجمع، وتجرفنا سيول الإهمال والفساد وغياب الرقابة.. أكررها، كما سبق وقلتها وقالها غيرى: البشر يا سادة قبل الحجر، وإلا فانتظروا مزيداً من الموجات المغرقة.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع