توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضمير لكل مواطن

  مصر اليوم -

ضمير لكل مواطن

بقلم : نشوى الحوفي

أقف أمام قضية المصالحات فى قانون البناء والتعدى على أراضى الدولة، أتأمل حال مجتمع أجاد البكائية واتهام الآخرين دون أن ينظر لمرآة ذاته. الجميع يشير بأصبع اتهامه للآخرين، دون أن يركز فى أصابع يده التى تشير منها ثلاثة إليه هو ذاته. نعم فلو أردتم الحق.. تلك قضية ذات أطراف عدة..

مواطن كان يعلم أنه يبنى مخالفة للقانون وذهب بنفسه وإرادته الحرة لمواطن آخر فى موقع المسئولية واتفق الاثنان على الفساد والإفساد. الأول دفع رشوة لأخذ حق ليس له، والثانى أخذ رشوة لمنح حق لا يملكه. وتراضى الطرفان وذهبا تحت سمع وبصر مواطنين آخرين يعملون بالحكومة فى محليات أو قسم الشرطة وهؤلاء كانوا يعلمون ما يجرى وأهملوا أو تكاسلوا أو صهينوا -بمصلحة أو بدون- فى تنفيذ القانون على المخالف!!!

هناك أيضاً مواطن كان يمر على المخالفات والتعديات فيتعجب ويمصمص شفتيه من غياب دولة القانون، وربما كان من المعلقين أو المندوبين لطرح رؤية فى الإعلام فيصول ويجول شارحاً حجم الثروات التى راحت على الدولة من جرَّاء تلك الأراضى المنهوبة والمبانى المخالفة والفساد الذى يجب مواجهته بحسم! ولكنه اليوم وجد أن الموجة تركب سفينة التعاطف مع من وجب تنفيذ القانون عليهم، فركبها فوراً ببوست على الفيس بوك أو تغريدة على تويتر تحمل شعار «الرحمة»!؟!

أضف لقائمة الأطراف فى تلك القضية رجال أعمال يعتبرون دفع الضرائب «عبط»، والمشى المعوج «شطارة»، ودوماً ما يعتمدون على حبايب كُثر -مواطنين آخرين فى دواوين الحكومة- يسهلون لهم كل شىء برشوة وتبادل منفعة على طريقة مرجان أحمد مرجان، بينما يحدثوننا عن الشرف والنزاهة والاستثمار فى سيناء وأهمية الدور الذى يلعبه رجال الأعمال فى المجتمع!؟

ولذا أقولها يا سادة: قضية المخالفات والتعدى على أراضى الدولة كلها منظومة فاسدة يحاسب فيها المسئول والمسائل. فكلاهما لا يعرف الضمير. يحاسب فيها الموظف الذى منح الترخيص مع المواطن الذى دفع الرشوة، والأمين والموظف الذى لم يفعّل تنفيذ القانون، ورئيس المحليات الذى لم يتابع موظفيه، والمحافظ الذى مر وأشاح بوجهه. وأضف للقائمة من شئت طالما كان فاسداً.

من هنا فالمطلوب ضمير جديد بمعايير مختلفة بسوفت وير جديد للمصريين فى كل المواقع وفوق كل شبر بأرض المحروسة. ضمير يفهم دلالات كلمة فساد فلا يقصرها على الرشوة فقط، فتمتد لإجادة العمل والالتزام بالوقت بغضّ النظر عن الراتب الذى لا يعجب الموظف ويراه غير مناسب لإمكانياته التى لا يراها غيره.

ضمير لديه جهاز كشف هوى الذات فيضرب جرس إنذار حينما يكيل المواطن بمكيالين، فيرى الفساد حينما يتعلق الموضوع بأمر يخصه وله فيه مصلحة، ولا يرى الفساد النابع من نفسه الأمّارة بالسوء حينما يتعلق الموضوع بغيره. ضمير يلسع صوته وكلماته تلك الازدواجية اللعينة.

ضمير تصنعه التربية التى نسيتها الأسر والمدارس والمراكز الرياضية والثقافية والإعلام والمساجد والكنائس على عددها، وتطالب الدولة بالقيام بها!! وكأن الدولة طائر الرخ الأسطورى وليسوا هم! ضمير يحمى الوطن والمواطن. تربية تؤمن الأسرة الصغيرة فى البيت، والكبيرة فى المجتمع، بأنها مسئولية سنحاسب عليها لا محالة من رب العباد. تربية يدرك الجميع أنها ستحمينا من الخوف على ذرية ضعيفة نخشى طوال الوقت عليهم لو تركنا الحياة..

ضمير لكل مواطن يؤكد عليه كل يوم بل كل لحظة أنه ذو وجهين دوماً فى الحياة، مسئول ومسائل. مسئول أياً كانت مهام عمله أو وظيفته.. ساع أو مدير، رئيس قسم أو مزارع، مدرس أو طالب، تاجر أو وزير، طبيب أو ممرض، حارس عقار أو مقاول، لاعب كرة أو سمسار، مذيع أو متلق... ضمير يوجد معنا أينما كنا وكيفما كنا. فكلنا مسئول ومسائل حسب موقعه كل مرة، ولذا فلنسأل ونحاسب ونراقب أنفسنا ونتق الله فى لقمة حرام تدخل جوف العيال فيشبون على الحرام ويدفعون ثمنه. فبما أن النفس أمارة بالسوء منذ خلقها ولكنها ملهمة لحساب نفسها بما يسمى الضمير، وبما أن الفساد جزء منا من قبل نزولنا الأرض بوصف الملائكة فى حديثها مع الله، فلنتعظ ليوم لا تملك فيه أى نفس لكيانها شيئاً، ولن يغنى عنها أى مبرر، وأن ليس لها إلا سعيها بما كسبته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضمير لكل مواطن ضمير لكل مواطن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon