بقلم - نشوى الحوفى
بينما كنت أمر فى سوق الحى، أتسوق بهدوء احتياجات بيتى، ومن حولى آخرون من كافة المستويات -الأعلى والأدنى- يشترون هم أيضاً احتياجاتهم، كانت شاشة القناة الخبرية فى المتجر تنقل من اليمن أخبار المجاعة التى تعصف بنحو سبعة ملايين يمنى، بينما آخرون مهددون بها، ثم تنتقل إلى خبر من تونس ينقل شتاءها الغاضب بمظاهرات الحاجة والبطالة والاقتصاد المتعثر بلا مشروعات حقيقية تمتص القوى العاملة من بين تعدادها البالغ نحو 11 مليون نسمة. أسرح فى المشاهد المتتالية للأخبار، وأنتبه على أصوات المصريين تتجادل وتضحك وتشكو الغلاء وترحب بالآخر وتحمد الله، فأنصرف باسمة راضية بما أصبحنا عليه. وأتذكر من يضحى بعمره، مفارقاً الأهل من أجل أن نحيا هذا المشهد.. الأمان.
وبينما أذاكر لابنتى دروسها، ثم أتركها لأعد كوب الشاى لزوجى، أجلس لأتابع تصريحات مجدد البعث الإخوانى، الذى لا ينتهى فعله بقدرته على التواصل والتظاهر بما ليس فيه -عبدالمنعم أبوالفتوح- وأندهش من كذبة تأييده لمظاهرات 30 يونيو 2013، وقد كانت لى مداخلة فى هذا اليوم فى برنامج «صباح أون» مع أمانى الخياط وقتها، وكان ضيفها فى الاستوديو الدكتور أحمد سعيد، رئيس المصريين الأحرار وقتها، حين طلبت منى التعليق على تصريحات «أبوالفتوح» بأنه يعارض ما يحدث، ويعارض عزل مرسى، فقلت لها: «أقول للدكتور أبوالفتوح والنبى اركن على جنب، خلينا نشوف مصلحة بلدنا». وأتأمل فى طرحه الذى لم يختلف فى بث سموم الفكر الإخوانى، الذى لا يمل التلاعب بالكلمات فيقول إن الوضع سيئ، وإننا بحاجة لرئيس يأتى بالصندوق، ثم يقول لك إن على «السيسى» الاستعانة بشخصيات، مثل جنينة وحازم حسنى وحمدين صباحى! ليكون السؤال: هل الوضع يتطلب رحيل السيسى، أم استعانته بأعوانك؟ وأتذكر عبارة الرئيس بأنه ليس برجل سياسة، فأحمد الله أنه لم يكن منهم بأن منّ الله عليه، فكان رجل أفعال لم يدعِ مرضاً حين مواجهة، ولم يبع وطناً من أجل جماعة، ولم يدعِ ذُهان العقل عند الحساب!. ويتركنى قلبى ليدعو لجيش وأمن لم يسمحا لهؤلاء الساسة بالمتاجرة بنا فى أسواق باتت تباع فيها الأوطان.
وأسرع إلى المستشفى مساءً لزيارة صديقتى التى ألمّ بها ارتفاع ضغط شديد بشكل مفاجئ، فأستمع للأخبار فى الراديو عن أهل الموصل بالعراق، مطالبين الحكومة هناك بعد تسعة أشهر من طرد داعش برفع الجثث المنتشرة فى أرجاء المدينة منذ أشهر؟! انتبه، لم يطالبوا بتنمية ولا تغذية ولا توظيف، فقط إزالة الجثث! تحضن عيناى شوارع القاهرة الآمنة المضيئة المليئة بالحياة من كل صوب وطبقة، فأنظر للسماء داعية بقلبى لمن ترك الأم والزوجة والأبناء والعائلة والهموم راجياً الله حماية أرض وعِرض مردداً بهدوء: «ما تقلقوش».
نعم، عشت أيامى أتابع الخوف والفوضى والموت فيما حولى من بلاد وأمتلئ امتناناً لمن حمى بلادى من ذات المصير. بيد يحمى حدوداً ومؤسسات ومواطناً من إرهاب وفساد وحروب مخابرات، وبيده الأخرى يبنى التنمية عبر أنفاق وطرق ومشروعات ومساكن وتوظيف وتعليم وإصلاح.
نعم، اتزلزلت الأرض تحت دبّة البيادة.. تعظيم سلام للجدعان.
نقلا عن الوطن القاهرية