توقيت القاهرة المحلي 10:10:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن لا خُلق له.. فلا دين له

  مصر اليوم -

مَن لا خُلق له فلا دين له

بقلم: نشوى الحوفى

«خيركم فى الجاهلية، خيركم فى الإسلام». هكذا حسمها من بُعث ليتمم مكارم الأخلاق صلوات ربى وسلامه عليه. وعنى بها أن خير المؤمنين بدين الله مَن كان خيرهم خُلقاً وهو كافر به. وهو إيجاز صحيح لمعنى وتأثير الدين فى حياة البشرية. فصاحب الأخلاق أفضل المنتسبين للدين بعد الإيمان، والعكس ليس بصحيح. فمن لا خُلق له، لا إيمان ولا دين له.

المتأمل فى حال المجتمع اليوم يدرك طغيان مظاهر الدين على الحياة من أبواب عدة، غابت عنها الأخلاق. غاب الاحترام والصدق والإيثار والانتماء والتواضع والأمانة والنظافة والمسئولية والضمير. باتت المسألة فجة ومزعجة ومحزنة فى ذات الوقت، بل ومخيفة أيضاً. فما نبنيه اليوم من نهضة تحتاج، إلى جانب الاستمرارية والإمكانيات، آدميين يدركون معنى البناء والطموح والنهضة وحماية الأوطان. وإلا ضاع منا ما نقوم ببنائه وانهار.

لن أعدد نماذج محزنة ارتأيناها جميعاً على مدى الشهور الماضية، ولكن دعونى أذكركم ببعضها كفتاة العياط التى لم تتجاوز خمسة عشر عاماً وقتلت سائقاً خطفها وحاول الاعتداء عليها، قضية راجح الصبى الذى لم يعبر سنوات طفولته ولكنه متهم بالبلطجة والتحرش والقتل أيضاًّ. حادثة إيتاى البارود وكسر خط بترول وسرقة البنزين من قبل الأهالى ومقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين فى أسوأ توصيف لكلمة بنى آدم. وأخيراً انقلاب سيارة نقل كانت محملة بالبطاطس وسرقة الأهالى لما على العربة؟! ناهيكم عن جرائم الخيانة والرشوة والقتل.

نعم، الجريمة خُلقت مع الإنسانية، فقتل قابيل هابيل إفساداً فى الأرض، كما أن الجريمة موجودة فى كل العالم على اختلاف مناحيه، أضف إلى ذلك أن السيئ من يسلط عليه الضوء أكثر فى أى مجتمع، ولكن نحن من يردد كل لحظة أننا شعب متدين بطبعه وأننا شعب الشهامة والجدعنة والرجولة وغيرها من الصفات. وتلك الصفات الأخيرة لا تتماشى وما بتنا نعيشه ووجبت علينا. وأولى مراحلها مواجهة النفس بما آل إليه حالنا لتغييره وتطويره.

ولذا فخطابى اليوم لأصحاب العمائم فى الأزهر والأوقاف والوعاظ والراهبات والقساوسة وخدام الكنائس، يا سادة من لا خُلق له فلا دين له. وما من مجتمع اشتكى ناسه من غياب الخلق إلا هلكوا. فلترفعوا راية الأخلاق فى عظاتكم وخطبكم وندواتكم وزياراتكم وصلواتكم فى المسجد والكنيسة. اتركوا الحديث عن مظاهر الدين وعلموا الناس المعنى الحقيقى للتدين. فأنا لا يعنينى معرفة ما تؤمن به من عقيدة، ولكن يعنينى رؤية سماحة ما تؤمن به. دينك لله وخلقك للناس. وخلقك أكبر سفير لما تؤمن به.

يا سادة، علموا الناس معنى المال العام وحرمة انتهاكه، علموا الناس أن اتباع الله ورسله فى شرائع العبادات والأخلاق والتحلى بصفاتهم، وكذلك فى احترام القانون حتى لو كان فى إشارة مرور أو عبور طريق. علموهم أن الإيمان لو كان بضعاً وستين أو بضعاً وسبعين شعبة، فأدناها نظافة الطريق ورفع الأذى عنه، وأن الخجل والحياء من شعب الإيمان أيضاً. اتركوا الحديث عن مظاهر الدين التى لم تمنحنا بشراً سوياً، وركزوا عملكم فى تعليم أسسه التى بُعث من أجلها الرسل للسمو بالبشرية. فما حمله نبى الله موسى من وصايا عشر، وما أوصى به المسيح أتباعه، وما أعلن المصطفى صلوات ربى وسلامه عليهم أجمعين..كانت الأخلاق يا سادة لتنجح العبادة. علموهم أن الله يسامح فى حقوقه، ولكنه لا يسامح فى حقوق العباد. فعلمونا كيف نكون شعباً خلوقاً بطبعه.. أما التدين فاتركوه لنا كعلاقة شخصية بيننا وبين الله.

وقد يهمك أيضًا:

أنا استفدت إيه؟

وللاستبداد بين الناس مذاهب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن لا خُلق له فلا دين له مَن لا خُلق له فلا دين له



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon