توقيت القاهرة المحلي 11:31:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أن تعيش «منسى»

  مصر اليوم -

أن تعيش «منسى»

بقلم: نشوى الحوفى

فى تسعينات القرن الماضى قدم السيناريست وحيد حامد فيلم «المنسى»، وجسد فيه الفنان عادل إمام دور شاب بسيط يعمل كمحولجى بالسكة الحديد يعانى ضيق ذات اليد وقلة الحيلة، التى جعلته يتناسى أحلاماً فى زواج وحصول على شقة وإنجاب أطفال. كان المنسى -وهذا اسم البطل- اسماً على مسمى لمواطن نسيته الدولة ونسى هو الآخر طريق إمكانية تحقيق الأحلام التى لم تخرج عن إطار رؤيا فى منامه. فعاش على هامش الحياة كملايين غيره فى مجتمع نسى الاهتمام بغد ساكنيه.

وكان ما كان....

ولكن شاءت الأقدار أن يتعرف المصريون على منسى آخر عاش الواقع وتحدياته لا خيال المؤلفين ودور العرض السينمائى، فى ظروف أخرى وأحوال مختلفة، أحالت المنسى المهمش إلى منسى البطل الذى صار قدوة أجيال لا جيلاً واحداً. وبات رمزاً لبطولات جيش من أقدم جيوش العالم وأعرقها. ولكن للأسف جاء التعرف على منسى الألفية بعد رحيله عن عالمنا، لنبكى جهلنا به وبمن هم مثله. ونتضرع لله أن يرحمه ويرزقه جناته بحق عطائه وتضحياته التى لم تمنحه رغد الحياة رغم بلوغه العُلا.

نعم عاش «منسى» بيننا واحداً من أبناء مجتمع يرى غالبيته فى العسكرية شرفاً يتمنى الانتماء له. جاء منسى ليعيش نفس ظروف ومشكلات وآلام السعى وراء الأحلام وإثبات الذات. ولكنه كان نقى الفطرة سليم النية حاد البصيرة، فأدرك أن حكمة الحياة ومنتهى السعى فيها ومبلغ العطاء لها أن ينال رضا الخالق لا المخلوق. فسعى المنسى فى خطاه لله وللوطن ولأهله -حتى لو لم يكونوا ذوى قربى- فرفض الانحراف وراء شياطين البشر والجان، وما اعترضه من مجريات الحياة، فكانت النهاية التى أكرمه الله بها شهيداً مدافعاً عن كلمة حق، قاتلاً لباطل، دون أن نسمع عنه شيئاً فى حياته. عاش مناضلاً بلا ضجيج ولا استعراض ولا افتراء. فكان «فدائى» يسير بيننا دون أن نلمحه فى أى مشهد للحياة... ويا ليتنا لمحناه.

دافع منسى...العقيد أحمد صابر منسى، عنا وعن أمننا بنفس راضية. عشق الوطن وتاريخه فأجاد قراءة سطور الواقع والمستقبل وما بينهما فمنحه الله البصيرة، حتى حينما أدرك أنها النهاية استسلم للقدر ولكن دون خضوع لمجريات الغدر. فإن كانت لحظة النهاية قد حانت وفرضت ملامحها فليرحل وهو كما اعتاد أن يكون.. بذات شهامته ورجولته دون تراجع عن واجب أو تخل عن مسئولية. وهكذا تحول منسى الألفية من بطل إلى رمز لوطن وجيش وشعب.

وطن يفخر أن جاد الزمان بمن هم مثله فحملوا هويته. وجيش يعتز بمنسيه وكل من يمثلهم فيه وإن مر الزمان ودار ونسى الناس. وشعب يبحث طيلة الوقت عن قدوة تمنحه بوصلة الطريق ليكمل مسيرته، يحمى أرضاً ليس له سواها. صار منسى رمزاً تتضرع الأمهات أن يكون ولدانها كمثل الرجل، وتتضرع عيون الشباب أن يحيا بينهم ليقودهم ويعلمهم ويقوم مسيرتهم إن لزم الأمر.

عاش منسى دون أن نشعر به أو بفعله رغم العظمة. ورحل تاركاً سيرته ومساره لندركه بعد فوات الأوان، فنتمنى لو أننا أدركناه. ولكن تلك هى شيمة العظماء.. يعملون فى صمت ويحيون فى تواضع ويسيرون بين الناس وفى طرقات الحياة عطاءً بلا ضجيج ولا مقابل ولا إعلان. اشتروا الحياة الأبدية لا الدنيا المؤقتة. وارتفعت عيونهم للسماء تضرعاً بقبول عمل لا يراه ولا يعلمه إلا من خلقهم. فعاشوا كراماً تحت ظل علم دفعوا الحياة ثمناً له وإن تطاول الجهال عليهم أو كان غدر الأرذلين.

ولذا فدعائى لى ولكم أن نعيش.. «منسى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أن تعيش «منسى» أن تعيش «منسى»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon