بقلم: نشوى الحوفى
ربما ترفض فكرة وجود إدارة عالمية للعالم تتعدى الولايات المتحدة الأمريكية التى لا تتجاوز واجهة لتحقيق أى مخطط مع غيرها من اللاعبين وفقاً لدور كل منهم فى العرض، فأعتى مراحل نجاح المؤامرة هى إنكار المفعول بهم لها رغم اعتراف الفاعلين بها فى اعترافات موثقة. ولكن دعنا نتفق أن المسرح العالمى اليوم بات مهيأً لعصر جديد. عصر تبدأ فيه السيطرة على الإنسانية بالفيروسات، بعد السيطرة عليها فى العقود الماضية بالاستهلاك، ليبدأ عصر فرض الرؤية المقررة لفرز نوع آخر من البشر.
ربما سيستغرق هذا عقوداً مقبلة فى ظل سيطرة التطرف على العالم أياً كان مذهبه الذى يدين له، يمينى متطرف أو تكفيرى متطرف، وكلاهما سيلجأ للعنف تنفيذاً لما بدأوه منذ سنوات بعيدة تمهيداً لمواجهة مقبلة شئنا أم أبينا.
لنعد للحظة الحالية والعرض القريب على المسرح العالمى. تنبئ المعطيات -كما هو المعتاد- بأن مسرحنا الشرق الأوسطى جاهز لتنفيذ خطة التركيع الكونية، فهو مقسم منذ سنوات طالت بين طوائف فقدت الهوية والبصيرة معاً، فسعت لهلاك ذاتها بيدها قبل يد عدوها، هذا يمن جنوبى وذاك شمالى، تلك جماعة الحوثى الشيعية، وتلك حكومة منصور السنية. هذا لبنان طوائف الولاءات الخارجية القابع على بركان من نار يزيد من شعلتها إفلاس الاقتصاد وسوق النخاسة السياسية فيه. ذاك العراق الملتهب بذات حال لبنان، وبجواره سوريا المكبَّلة بتلابيب شياطين البشر من كل ملة. وهذا خليج يضرب الفيروس اقتصاده ويزيده سوءاً، وتلك ليبيا مسرح الحرب الجديدة لتنظيم الإخوان الماسونى، وذلك السودان المقسم منذ سنوات بين مسيحيين ومسلمين، فلا هذا نعم بدينه ولا هذا هنأ بانفصاله. نعم شرقنا مهيأ وبقوة فى الفترة المقبلة لتفجيرات جديدة فى بلاده التى تأنّ تحت وطأة نار مكبوتة منذ سنوات جاء كورونا ليمهد انفجارها فى ظل كساد اقتصادى وركود سياسى وانعدام رؤية مستقبلية مخلصة لأوطان.
ربما لبنان تكون البداية فى ظل حالة من الانهيار الاقتصادى المزرى وتراجع دولى عن تقديم مساعدات حقيقية بمبرر تصنيف حزب الله الموالى لإيران والمموَّل منها كمنظمة إرهابية باتت تحكم البلاد بالشرعية التى يتمسحون بها دوماً. لبنان نقطة انطلاق مهيأة لتفجير المنطقة، فحرب على حزب الله فى حال استمرار المظاهرات فى لبنان تحقق أهدافاً كثيرة فى تلك المنطقة العصية على السيطرة التامة على مر التاريخ.
حرب تحقق: تخفيف حدة الانتقاد الداخلى لنظام الرئيس الأمريكى ترامب وهو مقبل على انتخابات باتت غير مضمونة له بسبب أدائه فى أزمة كورونا. زيادة الضغط على إيران فى سوريا والعراق واليمن. منح إسرائيل فرصة مثالية لتحقيق أهدافها بضم مستوطنات الضفة الغربية بعد منحها صك الجولان والقدس الموحدة. تهديد الوجود الروسى فى سوريا، تهديد طريق الحرير التجارى للصين ومزيد من استفزازها اقتصادياً. مواصلة استنزاف اقتصاديات دول الخليج التى لن تقف صامتة أمام دعم إيران لمصالحها فى لبنان والعراق واليمن. منح قبلة لفوضى الإرهاب الرافع زوراً لراية الإسلام فى المنطقة والممول والمؤمَّن من أمريكا وإسرائيل عبر تركيا الوكيل الإقليمى للماسونية العالمية والعضو فى الناتو والأمم المتحدة. وبالطبع مزيد من السيطرة على المنطقة المكلومة بجهلها منذ عصور طويلة.
عفواً.. نظرتى ليست تشاؤمية، ولكنها واقعية تسعى لاستقراء ما قد يأتى علينا ودعائى: اللهم خيِّب توقعاتى، ولكن دعونا نضعها فى الحسبان، لا لنخاف ولكن لنستعد ونسعى لمواجهتها وتفادى ما يمكن من ضرباتها. لا نضمن ما هو خارج حدود أرضنا، ولكن داخلنا هو الأهم، وكتلتنا هى الهدف. كل منا مسئول فى موقعه. كل منا مكلف بالحماية لوطن لا نملك سواه، حماه الله من شر ما يخططون له، وألهمنا البصيرة.