توقيت القاهرة المحلي 11:19:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيادة التطرف بين يمينى وتكفيرى

  مصر اليوم -

سيادة التطرف بين يمينى وتكفيرى

بقلم: نشوى الحوفى

عاد فكر اليمين المتطرف المتصاعد فى مناطق عدة من العالم، فى مقدمتها أوروبا، للسيطرة على الأخبار بعد ما شهدته مدينة هاناو بولاية هسن الألمانية يوم 19 فبراير الجارى، فالمدينة التى اشتهرت بكونها مسقط رأس الأخوين «جريم» مبدعَى أشهر قصص الأطفال، مثل سندريلا وسنو وايت والأقزام السبعة والأميرة والضفدع، عادت لتكون فى دائرة الضوء بإقدام يمينى متطرف على قتل تسعة أفراد غالبيتهم من المسلمين قبل العثور عليه مقتولاً فى شقته ومعه جثة والدته!

السلطات الأمنية فى ولاية هسن أعلنت، فى اليوم التالى، العثور على مقطع فيديو وخطاب اعتراف من المشتبه فيه بارتكاب جريمتيه، ولا يزال العمل على تلك الأدلة جارياً لفهم أبعاد الجريمة التى هزت ألمانيا من جديد وأيقظتها على أزمة اليمين المتطرف الذى تسعى لمحاربته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

فألمانيا التى دفعت ثمن صعود اليمين المتطرف للحكم فى ثلاثينات القرن الماضى وقيادة هتلر للحرب العالمية الثانية التى قُتل فيها ما يزيد على 20 مليون نسمة فى كل العالم، بالإضافة إلى الدمار والتقسيم الذى تعرضت له، لم تكتفِ بتشريع العديد من القوانين الصارمة المجرّمة للفكر اليمينى، ولكنها سعت إلى التأكيد، طيلة السنوات الماضية، على تبنّيها لسياسات التعايش الاجتماعى وقبول الآخر أياً كانت هويته أو جذوره أو عقيدته. إلا أن هذا لم يمنع الفكر اليمينى من البقاء فى الأجواء الألمانية، لتتبدى ملامحه فى حوادث متفرقة بين الحين والآخر، ولعل أبرزها للذاكرة العربية حادثة مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى على يد المتطرف أليكس فينز فى العام 2009 بولاية دريسدن الألمانية.

ليس هذا وحسب، فلم تقتصر ملامح اليمين المتطرف فى ألمانيا على عدد من الحوادث المتكررة بين الحين والآخر، ولكنها امتدت حينما حصل حزب البديل اليمينى المتطرف على 13% من أصوات الناخبين فى الانتخابات البرلمانية فى العام 2017. وهو ما دفع بالرئيس الألمانى للتصريح فى خطابه السياسى وقتها بتخوفه من توغل اليمين المتطرف وزيادة المؤمنين بأفكاره الرافضة للمسلمين واليهود واللاجئين والاتحاد الأوروبى وزيادة الفجوة فى المجتمع الألمانى، بل وصل الأمر إلى إعلان الأمن الألمانى أن اليمين المتطرف لا يقل خطراً عن أفكار القادمين من «داعش»!

ربما العبارة الأخيرة هى ما يعنينى وأتمسك بها فى تحليل الأمور منذ عقد من الزمان أرى فيه تصاعد التطرف بشقيه اليمينى والتكفيرى، فكلاهما وجهان لعملة واحدة رديئة تتخذ من الدين ستاراً وعباءة لها، فالأول يرفض المسلمين واليهود، والثانى يرفض المسيحيين واليهود! ليدعى كلاهما حرصه على العقيدة التى ينتمى لها وأنه خير من يمثلها! بينما هو أكثر من أساء لها وخلق التربة لكل موبقات البشر من قتل وتجارة سلاح وتغييب عقول وزيادة لاجئين وتدمير دول بأكملها لا مدن وحسب. وتلك هى الحقيقة التى نعيشها وانتظر مزيداً من الدمار باسمها فى كل العالم، ولا يدفع ثمنها سوى الأبرياء من الضحايا، بينما الساسة غارقون فى مساومات المصالح فى كواليس اللقاءات الدولية، دون أن يمتلك أحد الشجاعة لإعلان ومواجهة ما يحدث، فتدعى الدول فتح أبوابها للاجئين دُمرت بلدانهم بسبب سياسات احتضان التطرف وتمويله أو غض الطرف عنه بشقيه التكفيرى خارج الحدود واليمينى داخل الحدود، لنعيش فوضى التوحش الناتجة عن دعم هذا التطرف المفروض علينا يوماً تلو الآخر.

ربما لا نملك وقف تآمر العالم على بعضه البعض، وربما لا نستطيع حماية الأبرياء فى كل بقاع الدنيا، ولكننا نملك تربية أبنائنا على الفهم الصحيح للعقيدة الدينية والإيمان المتوازن للإنسانية، عبر ثقافة وإعلام وتعليم وخطاب دينى يدرك تلك المعانى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيادة التطرف بين يمينى وتكفيرى سيادة التطرف بين يمينى وتكفيرى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon