توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمريكا وعقاب ألمانيا!

  مصر اليوم -

أمريكا وعقاب ألمانيا

بقلم: نشوى الحوفى

بينما ينشغل العالم بكورونا ومرضاه وضحاياه ولقاحاته التى لم يحسم أمرها بعد، تتبدى على الخريطة الدولية ملامح يقود بعضها لتغييرات مستقبلية، ويمنح بعضها المشهد المزيد من الغموض المحيط بمستقبل الكرة الأرضية.

من بين تلك التفاصيل التى قد يعيرها البعض أو لا يعيرها اهتماماً، تلك التقارير التى تناولت إعلان الولايات المتحدة تقليل قواتها فى ألمانيا البالغ عددهم نحو 52 ألف أمريكى يتوزعون وفقاً لبيانات وزارة الدفاع الأمريكية بين 34.500 جندى، ونحو 17 ألف موظف مدنى أمريكى يتوزعون بين قاعدة جوية عسكرية ومراكز للتدخل السريع فى أوروبا وأفريقيا ومراكز للتدريب ومستشفى عسكرى كبير. التخفيض المعلن عنه فى تصريحات الرئيس الأمريكى يقدر بنحو 50% من ذلك العدد، أى أنه سيصل إلى نحو 25 ألف أمريكى. والسبب، كما كررت واشنطن، مراراً هو النفقات القليلة للحكومة الألمانية كمساهمة ضعيفة فى حلف الناتو. كما يعلل الرئيس الأمريكى ترامب سحبه لتلك القوات بأن ألمانيا لا تتحمل نفقات وجودها على أرضها! وهو مبرر ينافى قواعد حلف الناتو التى تنص على أن «تكاليف التمركز والتدخلات يدفعها البلد المرسل للقوات». أى أن على أمريكا إن أرسلت قواتها فى إطار حلف الناتو إلى أى بلد أن تتحمل تكاليف ذلك وليس لها بالمطالبة بتكلفة ذلك.

ربما لا يعلم البعض أن الدول المهزومة فى الحرب العالمية الثانية قد خضعت لتمركز قوات الولايات المتحدة بمبررات عدة، من بينها مبرر الأمن القومى الأمريكى من تكرار فعل الحرب، ومواجهة المد الشيوعى للاتحاد السوفييتى، ومراقبة تحقيق الاستقرار المطلوب فى تلك الدول وفقاً للرؤية الأمريكية. يحدث هذا حتى يومنا هذا فى اليابان حيث يتواجد 39 ألف عسكرى أمريكى ينتشرون فى 112 قاعدة عسكرية أمريكية، أغلبها فى جزيرة أكيناوا التى يوجد بها الأسطول السابع الأمريكى بقوام 20 ألف بحار أمريكى. كما يحدث فى كوريا الجنوبية التى يوجد بها 34 ألف عسكرى أمريكى يتوزعون على 33 قاعدة عسكرية أمريكية.

التاريخ يقول إن الدول المهزومة فى الحرب العالمية الثانية قد عانت ويلات الهزيمة ونتائجها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التى أحكمت سيطرتها عليهم. ففى ألمانيا تم إعادة ترسيم الحدود مع الدول المجاورة لها، فتم رد إقليم الألزاس لفرنسا وسوديت لاند إلى تشيكوسلوفاكيا، كما تم تقسيم ألمانيا إلى دولتين تخضع الشرقية منهما لسيطرة الاتحاد السوفييتى، بينما تتبع الغربية أمريكا. ليس هذا فحسب بل قامت أمريكا فى العام 1945 بتفكيك مصانع الصناعات الثقيلة الألمانية لضمان عدم حدوث أى نهضة اقتصادية فى ألمانيا، بل إنها حصلت على تعويضات قُدرت بنحو 10 مليارات دولار وقتها من الاختراعات وبراءات الاختراع والأبحاث العلمية الألمانية، وامتد الأمر إلى الخبراء والعلماء الألمان الذين اعتبرتهم أمريكا وسيلة لدفع التعويضات المطلوبة!!! ولم يكن يسمح للألمان إلا بما يضمن منع المجاعة بينهم. وهو ما استمر حتى عام 1947 حينما أيقنت واشنطن أن لا استقرار لها بدون تنمية اقتصادية حقيقية فى ألمانيا تضع لها الشروط أو تتم تحت أعينها وأيديها المسلحة.

نعم، ربما لا يدرك الكثيرون تلك التفاصيل التى عاشتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية التى انتهت بمقتل الملايين وتدمير ألمانيا واجتياح قوات الحلفاء لأراضيها، ولكن الألمان لم ينسوا تلك التفاصيل التى يعيشونها منذ تلك الحقبة. لقد دفعوا المليارات كتعويضات لليهود والحلفاء، ارتضوا بأن ينالهم نصيب من فتات مشروع مارشال، عاشوا هوان الهزيمة وذل التواجد الأمريكى الذى تحول بمرور الزمن إلى قوات صديقة تتواجد لحماية دولة ألمانيا العضو فى حلف الناتو. حلف شمال الأطلنطى العسكرى. نعم، ألمانيا لم ولن تنسى ما تعرضت له. ولكن هل تكون الذاكرة وأحداثها هما سبب الخوف الألمانى من سحب جزء من القوات الأمريكية؟ السؤال بشكل آخر: ما الذى يخيف ألمانيا من ذلك الموقف الأمريكى وهى الاقتصاد الأول فى أوروبا بناتج قومى يبلغ 3 تريليونات و600 مليار دولار، وجيش مصنف ضمن أفضل الجيوش عالمياً بميزانية تقدر بنحو 34 مليار دولار؟

ربما تكمن الإجابة فيما تدركه ألمانيا وغيرها من دول أوروبا من مخططات صهيونية تسعى لامتلاك العالم. فهل حان وقت أوروبا مجدداً؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا وعقاب ألمانيا أمريكا وعقاب ألمانيا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon