توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غوغائية الجماهير

  مصر اليوم -

غوغائية الجماهير

بقلم - نشوى الحوفى

لعله من أبرز الكتب حتى يومنا هذا فى تفسير طبيعة وحقيقة تحرك الجماهير والجموع والعقل الجمعى وبخاصة فى فترات الانحدار والجهل والتمرد والثورات، أعنى بحديثى كتاب سيكولوجية الجماهير لعالم الاجتماع والنفس الفرنسى جوستاف لوبون، الذى قام بتأليفه عام 1895، صحيح أن عالم النفس الشهير سيجموند فرويد ألف فى عام 1921 كتاباً حمل عنوان «علم نفس الجماهير» لتقديم تحليل أعمق لنظرية جوستاف، إلا أن كتاب سيكولوجية الجماهير يظل رائداً فى قراءته وفهم الحال الجمعى به.

الفكرة التى يبحث فيها الكتاب هى كيفية تحرك وتفكير الشعوب وكيف تنساق فى تكتلات وراء زعامة أو قيادة أياً كان نوعها، دينية أو سياسية أو اجتماعية، وحالياً أضف لها إعلامية، كان جوستاف لوبون أول من صاغ مصطلح «عصر الجماهير» وتقدم الطبقات الشعبية للمقدمة فى السياسة فى فترة كانت قد ظهرت فيها بوادر الفكر الاشتراكى ومبدأ طبقات الشعب العاملة، ناقش لوبون الفكرة ولم يخف تخوفه من تلك الظاهرة على الحضارة الإنسانية وحذر من تدمير الجماهير للحضارة أياً كان ماهية المساهم فيها، وسبب الخوف كما قال فى كتابه يتمثل ببساطة فى أن للحضارة نسقاً وقواعد وقيماً ونظاماً تشرف عليه النخبة القليلة بينما تنفذها الجماهير وفق القواعد، ثم ناقش وسيلة الحماية هل تكون قوة الإيمان بالله أم العلم؟ وانحاز جوستاف لوبون للعلم مبرراً ذلك بأن الجموع التى تتحرك كالمنومة مغناطيسياً وتتخلى عن إحساسها بالمسئولية لن تتوقف عند الإيمان الذى هو علاقة فردية بين الخالق والإنسان، بينما العلم هو الوسيلة التى من الممكن أن ترتقى بسلوك الإنسان وبالتالى المجتمع. أتوقف هنا للحظات لتفهمى تلك النقطة بطريقة تتفق والتفسير الحقيقى لمعنى الرسالة المحمدية التى ختم الله بها دينه الإسلام، تلك الرسالة التى بدأت بكلمة «اقرأ» رغم أن الوحى جبريل نزل على نبى أمى لا يقرأ ولا يكتب فى مجتمع جاهلى، ولكن كانت البداية بالقراءة أى إنها إيذان بعصر العلم، بمعنى أن دين الله اختتم رسالاته السماوية بإعلان قيمة العلم لإتمام إرسال الخالق للبشر، نعم العلم المقرون بإيمان رادع لسلوك البشر الهمجى ورادع لثقافة الغوغاء المرعبة التى لا تحمل منطقاً فى حديث ولا خلقاً فى رؤية أو تعامل، العلم بحضور الضمير هو الرادع للجهل والسلوك البشرى المنحرف.

أعتقد أن جميعنا بحاجة لقراءة هذا الكتاب بعمق لتذكير ضمائرنا وعقولنا وأرواحنا بألا نسير فى زمرة القطعان دون فهم أو علم ولكى لا نتنازل عن إرادتنا طواعية لصالح الغوغائية فى المجتمع، لنتعلم كيف نكون قادرين على التحليل للخبر بوعى والبحث عن أكثر من مصدر موثوق به وتتبع جذوره دون رغبة فى نهش أو نميمة أو هدم أو مجاراة طيور الخراب المنتشرة فى كل بقعة اليوم، علينا أن نقرأ لنتعلم كيفية اتخاذ القرار والخطوات فى زمن الأخبار ونقيضها فى ذات اللحظة، ليبقى لنا أن نستفتى قلوبنا وضمائرنا ولو أفتونا، فنتحمل المسئولية فى أى قرار أو موقف بعد بذل الجهد فى الإدراك وحتى لا نكون نموذجاً لمقولة موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق حين سألوه بعد حرب يونيو 1967 كيف استخدم نفس خطة الهجوم فى حرب عام 1956؟ فقال: «العرب أمة لا تقرأ وإن قرأت لا تعى وإن وعت لا تتذكر»، فهل نرفض الغوغائية ونحتمى بالعلم؟

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غوغائية الجماهير غوغائية الجماهير



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon