توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فاروق حسنى وفلسفة النظام

  مصر اليوم -

فاروق حسنى وفلسفة النظام

بقلم - نشوى الحوفى

شاءت لى الأقدار أن ألتقى الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، لنشر كتابه الذى صدر عن دار نهضة مصر منذ أيام بعنوان «فاروق حسنى يتذكر... زمن من الثقافة». يسرد فيه نحو نصف قرن قضاه بوزارة الثقافة، منذ تخرجه فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية والتحاقه بالعمل فيها عام 1964، عبر محطات بدأت بقصر ثقافة الأنفوشى، وتولى إدارة المركز الثقافى بباريس، ثم توليه مهام الأكاديمية المصرية للفنون بروما، وأخيراً توليه مهام وزير الثقافة لمدة 23 عاماً من 1987 إلى 2011.

كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها الفنان فاروق حسنى. تحاورنا وتناقشنا مرات أثناء الإعداد لنشر الكتاب. أكتشف مثقفاً موسوعياً فى الأدب والفلسفة والفن التشكيلى والمسرح والموسيقى والتاريخ والمعمار. وأكتشف إنساناً يحمل فى ذاته عمق فلسفة التصوف التى صبغته بحالة من التسامح لا مع من أساء له فقط، ولكن مع حوادث الأيام، فأدرك فلسفة الوجود. لا يمتلك نفساً مملوءة بكبرياء العطاء، ولكنه يتحدث باعتزاز عن بصمات تركها فى مسار حياته. يتكلم بارتياح عن عمره فى الثقافة وإدراكه لعمق الحضارة التى يمثلها فى كافة مواقع المسئولية التى تولاها، حتى فى بداياته بقصر الأنفوشى.

تدرك من وقائع التاريخ فى حياته إصراره على حماية التراث كما يجب أن يكون، لا من باب أداء الواجب، ولكن من باب الإدراك. فكان ترميمه الآلاف من القطع والأماكن الأثرية، وفى مقدمتها أبوالهول ومئات المساجد والكنائس. تتعرف على حرصه على حماية الماضى بافتتاحه عشرات المتاحف القومية فى مصر. تتأمل فى فلسفته لنشر الثقافة -حيث آمن بأن الشعوب تُعرف من ثقافتها التى تنعكس على سلوكها- بذهابه لأبعد مدى فى إنشاء قصور الثقافة والمكتبات والمسارح ودور الأوبرا. تتلمس غيرته على ما تملكه مصر من قيمة فى التاريخ بإصراره على تنفيذ مشروع مكتبة الإسكندرية واحتفالية الألفية اللتين يقول عنهما: «إذا كان العالم يحتفى بمكتبة الكونجرس فمكتبة الإسكندرية كانت جامعة العالم القديم. وإذا أراد الاحتفال بالألفية فلن يجد أقدم من حضارتى التى كانت تحتفل فى بداية الألفية الثالثة بعيدها رقم 4000».

تدرك دوره فى العديد من الأحداث، لعل أبرزها واقعة إخفائه أعضاء من منظمة التحرير وبعض الفلسطينيين فى روما بعد واقعة اختطاف السفينة الإيطالية «أكيلى لاورو» التى قام بها فلسطينيون رداً على ضرب إسرائيل لموقع الرئيس عرفات فى تونس 1985، ثم واقعة قراره إنشاء المتحف المصرى الكبير فى موقعه عام 2001، رداً على مسئول فرنسى وصف المتحف المصرى بالتحرير بأنه مجرد مخزن للقطع الأثرية، فيعلن أن مصر تجهز لأكبر متحف فى العالم سيبهر الكون، ليشرع فى تنفيذ المهمة، وينتهى -قبل رحيله من الوزارة- من ثلثَى المشروع الذى يراه حلماً مصرياً.

يحكى عن معارك خاضها فى اليونيسكو ومصر، ويؤكد لك أن معركة الحجاب كانت أصعبها، لأنها كشفت له حجم الغوغائية حتى داخل الحزب الوطنى. يتأسى على ضحايا حادث إحدى قاعات قصر ثقافة بنى سويف، ويؤكد أنه أصر على تحمل المسئولية وتقديم استقالته، رغم أن من كانوا بالقاعة أهملوا فى حق أنفسهم حينما لم ينتبهوا لخطورة العرض بمئات الشموع فى قاعة صغيرة تضم عرضاً ديكوره من الخشب! أسأله عما افتقده نظام حكم الرئيس الأسبق مبارك، فيجيبنى بلا تردد: «الخيال.. فنظام الحكم الذى لا يملك فلسفة لا يذكره التاريخ».

يستحق فاروق حسنى أن نقرأ زمنه فى الثقافة، لا لنعطى الرجل قدره وحسب، ولكن لندرك ما نحتاجه اليوم فى ثقافتنا. نعم للإدراك زمن وميعاد.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاروق حسنى وفلسفة النظام فاروق حسنى وفلسفة النظام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon