توقيت القاهرة المحلي 08:15:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فاروق حسنى وفلسفة النظام

  مصر اليوم -

فاروق حسنى وفلسفة النظام

بقلم - نشوى الحوفى

شاءت لى الأقدار أن ألتقى الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، لنشر كتابه الذى صدر عن دار نهضة مصر منذ أيام بعنوان «فاروق حسنى يتذكر... زمن من الثقافة». يسرد فيه نحو نصف قرن قضاه بوزارة الثقافة، منذ تخرجه فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية والتحاقه بالعمل فيها عام 1964، عبر محطات بدأت بقصر ثقافة الأنفوشى، وتولى إدارة المركز الثقافى بباريس، ثم توليه مهام الأكاديمية المصرية للفنون بروما، وأخيراً توليه مهام وزير الثقافة لمدة 23 عاماً من 1987 إلى 2011.

كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها الفنان فاروق حسنى. تحاورنا وتناقشنا مرات أثناء الإعداد لنشر الكتاب. أكتشف مثقفاً موسوعياً فى الأدب والفلسفة والفن التشكيلى والمسرح والموسيقى والتاريخ والمعمار. وأكتشف إنساناً يحمل فى ذاته عمق فلسفة التصوف التى صبغته بحالة من التسامح لا مع من أساء له فقط، ولكن مع حوادث الأيام، فأدرك فلسفة الوجود. لا يمتلك نفساً مملوءة بكبرياء العطاء، ولكنه يتحدث باعتزاز عن بصمات تركها فى مسار حياته. يتكلم بارتياح عن عمره فى الثقافة وإدراكه لعمق الحضارة التى يمثلها فى كافة مواقع المسئولية التى تولاها، حتى فى بداياته بقصر الأنفوشى.

تدرك من وقائع التاريخ فى حياته إصراره على حماية التراث كما يجب أن يكون، لا من باب أداء الواجب، ولكن من باب الإدراك. فكان ترميمه الآلاف من القطع والأماكن الأثرية، وفى مقدمتها أبوالهول ومئات المساجد والكنائس. تتعرف على حرصه على حماية الماضى بافتتاحه عشرات المتاحف القومية فى مصر. تتأمل فى فلسفته لنشر الثقافة -حيث آمن بأن الشعوب تُعرف من ثقافتها التى تنعكس على سلوكها- بذهابه لأبعد مدى فى إنشاء قصور الثقافة والمكتبات والمسارح ودور الأوبرا. تتلمس غيرته على ما تملكه مصر من قيمة فى التاريخ بإصراره على تنفيذ مشروع مكتبة الإسكندرية واحتفالية الألفية اللتين يقول عنهما: «إذا كان العالم يحتفى بمكتبة الكونجرس فمكتبة الإسكندرية كانت جامعة العالم القديم. وإذا أراد الاحتفال بالألفية فلن يجد أقدم من حضارتى التى كانت تحتفل فى بداية الألفية الثالثة بعيدها رقم 4000».

تدرك دوره فى العديد من الأحداث، لعل أبرزها واقعة إخفائه أعضاء من منظمة التحرير وبعض الفلسطينيين فى روما بعد واقعة اختطاف السفينة الإيطالية «أكيلى لاورو» التى قام بها فلسطينيون رداً على ضرب إسرائيل لموقع الرئيس عرفات فى تونس 1985، ثم واقعة قراره إنشاء المتحف المصرى الكبير فى موقعه عام 2001، رداً على مسئول فرنسى وصف المتحف المصرى بالتحرير بأنه مجرد مخزن للقطع الأثرية، فيعلن أن مصر تجهز لأكبر متحف فى العالم سيبهر الكون، ليشرع فى تنفيذ المهمة، وينتهى -قبل رحيله من الوزارة- من ثلثَى المشروع الذى يراه حلماً مصرياً.

يحكى عن معارك خاضها فى اليونيسكو ومصر، ويؤكد لك أن معركة الحجاب كانت أصعبها، لأنها كشفت له حجم الغوغائية حتى داخل الحزب الوطنى. يتأسى على ضحايا حادث إحدى قاعات قصر ثقافة بنى سويف، ويؤكد أنه أصر على تحمل المسئولية وتقديم استقالته، رغم أن من كانوا بالقاعة أهملوا فى حق أنفسهم حينما لم ينتبهوا لخطورة العرض بمئات الشموع فى قاعة صغيرة تضم عرضاً ديكوره من الخشب! أسأله عما افتقده نظام حكم الرئيس الأسبق مبارك، فيجيبنى بلا تردد: «الخيال.. فنظام الحكم الذى لا يملك فلسفة لا يذكره التاريخ».

يستحق فاروق حسنى أن نقرأ زمنه فى الثقافة، لا لنعطى الرجل قدره وحسب، ولكن لندرك ما نحتاجه اليوم فى ثقافتنا. نعم للإدراك زمن وميعاد.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاروق حسنى وفلسفة النظام فاروق حسنى وفلسفة النظام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon