توقيت القاهرة المحلي 21:31:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ابن تيمية.. اختيار

  مصر اليوم -

ابن تيمية اختيار

بقلم: نشوى الحوفى

ما إن ظهر الشيخ رمضان عبدالمعز فى أحد مشاهد مسلسل الاختيار فى مشهد يعظ فيه بعض الجنود فى كتيبة من كتائب الجيش متحدثاً عن ابن تيمية وسوء فهم الناس له واختيار التكفيريين له كمرجعية لفكرهم المتشدد، حتى احتدّت المناقشات بين متابعى وسائل التواصل الاجتماعى بين غاضب من تبرير الشيخ -الممثل للأزهر بالنسبة لهم- لفكر ابن تيمية، وفرح لمن رأى فى حديثه تبرئة ابن تيمية من تهمة التطرف فى مسلسل أُنتج برعاية الشئون المعنوية بالقوات المسلحة -وكأنها شهادة تبرئة- ولكن المتأمل للمشهد بهدوء يمكنه رؤية بعد ثالث للمشهد.

فما قيل لا يعنى أن ابن تيمية برىء من تهمة التشدد والحدّة، فالرجل اتسم بحدّة الطبع وتطرف الفهم لكل ما يؤيد وجهة نظره التى لم يكن لها معلم تستند على علمه، حتى إن والده رفض اعتداده الزائد برأيه وعنفه على حدّته وتطاوله على من يكبرونه، علماً وسناً. وهو ما أكسبه عداء من تطاول عليهم من مشايخ. ولكن مرة أخرى يبقى ابن تيمية مجرد شيخ من مشايخ الإسلام تحدّث فى الدين وأفتى وأصاب وتطرّف وأخطأ فى القرن السابع الهجرى لا القرن الخامس عشر هجرياً، وانتقده كثيرون ممن جاءوا بعده فى فتاوى، وبخاصة فى فقه العقيدة وفكرة التجسيم. ولذا فالعيب ليس فى ابن تيمية، بل فيمن تتبعه ليومنا وهو من سُجن لآرائه وقتها. ولتشدده هذا اختاره الفكر المتطرف كما اختار محمد بن عبدالوهاب بعده بقرون ليكون مرجعية له فى إباحة كل قتل وعنف.

كما أن المسلسل لم يسعَ لتحسين صورة ابن تيمية، ولكنه سعى لتبرئة الإسلام من أى تطرف فى قول أو فعل، فكان المشهد بمثابة إعلان رسمى بأن القوات المسلحة ليست على خصومة مع أحد بسبب الدين والعقيدة، ولكنها فى خصومة مع من يسيئون استخدام الدين لصالح أغراض لا علاقة للتدين بها وإن اتخذوه ستاراً، وأن من ادعى أن ابن تيمية شيخه فى القتل والتطرف فقد أخذ منه ما أراد بسطحية فهم أو تربص جُرم واستغلال لاستباحة دم البشر، فأخرج فتاواه من سياق الزمن والمواقف.

ودليل ذلك هو القراءة فى بعض ما ترك ابن تيمية، على سبيل المثال فتواه فى احتساب قول الرجل لزوجته أنت طالق ثلاثاً على أنها طلقة واحدة حماية لأسرة ومنحاً لفرصة لتفاهم، وفتواه فى رفض المجاملات فى التعيين للمناصب بلا كفاءة. وهى فتوى لم يلتزم بها الإخوان الذين افتضح أمر تكالبهم على الدنيا حين تولوا أمر مصر فلم يعينوا الكفء بل الأكثر طاعة لهم، وجميعنا رأينا تلك المهازل. وهذا يعنى أن التكفيرى اختار من ابن تيمية ما يستند عليه كمرجعية وحجة فى وجه من يجادله.

المسألة، يا سادة، ببساطة تقول إن الإسلام على مر العصور منذ نهاية القرن الأول له وهو يخضع لآراء الباحثين فيه بمن فيهم الأئمة الأربعة ومن تلاهم. وهو ما يعنى أن حرية الفكر معمول بها ومن حق كل من كان يمتلك عقلاً وعلماً البحث والفهم، أما الركون إلى من سبقونا بقرون ولفكرهم فهو تقصيرنا نحن. لقد اجتهدوا ولم يتوقفوا عن البحث والنقد والاختلاف بدليل الأئمة الأربعة ومن تلاهم. وبتوقف فكرنا كان من الطبيعى أن يتخذ كل تكفيرى ومتطرف من الماضى قبلة فيتحدث لغته ويرتدى ملبسه وينسب نفسه للسلف بجهالةمنه.

نعم نحتاج لاختيار الفكر والفهم ورفض كل فهم خاطئ لا يناسبنا حتى وإن كان مصدره ابن تيمية.. نحتاج لهدوء الفكر والحوار لا لغاية إلا الحقيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابن تيمية اختيار ابن تيمية اختيار



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم ليفربول صلاح
  مصر اليوم - الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم ليفربول صلاح

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon