بقلم: نشوى الحوفى
قد ينسى البعض ذلك المشهد فى حياة بلادنا بعد عزل الإخوان من حكم مصر فى العام 2013، حينما زار وزير الدفاع المصرى -حينها- المشير عبدالفتاح السيسى محافظة مرسى مطروح والتقى بأهلها، مطالباً بفتح صفحة جديدة وتسليم السلاح الذى دخل مصر عبر حدود مصر الغربية بعد يناير 2011 وفى أعقاب سقوط القذافى وفتح الناتو لمخازن السلاح الليبى لمن يشاء. يومها وعد وزير الدفاع المصرى أهالى مطروح والمنطقة الغربية بصفحة جديدة يكون فيها الاهتمام والتنمية والتواصل تعويضاً عن تهميش عانوه فى عقود سابقة.
لم يخلف وعده بعدما صار رئيساً للبلاد، فهو يدرك خطورة المشهد، كما يؤمن بنظرية تحقيق الأمن بالتنمية مع السلاح وموضع الجيوش، فكان البدء بتعمير محاور مصر المهمشة على كافة الأصعدة. ومنها المنطقة الغربية على امتداد حدود مصر مع ليبيا، بدءاً من الساحل الشمالى وحتى الحدود مع السودان. كان البدء بالوادى الجديد والفرافرة ومشروع المليون ونصف المليون فدان الذى بدأ من هناك اعتماداً على اكتشاف وكالة ناسا لأكبر حوض للمياه الجوفية فى صحراء مصر الغربية منذ سنوات دون أن يحرك أحد ساكناً فى بلادى، رغم مشروع ممر التنمية الذى اقترحه الدكتور فاروق الباز منذ العام 2005، لتُعمر الأرض فى تلك البقعة التى كانت فارغة بقرى نموذجية وزراعات للقمح ومشاريع تعدين.
ثم كان العمل على الساحل الشمالى الغربى لمصر، بدءاً من مد الطرق وتطويرها وربطها بالدلتا، مروراً بإنشاء قاعدة محمد نجيب العسكرية فى منطقة الحمام وافتتاحها عام 2017 لتكون أكبر قاعدة عسكرية مصرية، وكذلك العمل على تطوير مدينة العلمين كإحدى أهم المدن السياحية والترفيهية فى مصر، وإنشاء أحد مقرات الحكومة والرئاسة المصرية بها، ثم توقيع عقد إنشاء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء مع روسيا وإنشاء أول مدرسة للتعليم الفنى النووى بها.
ليس هذا وحسب، بل عقدت بلادى مؤتمراً اقتصادياً بمحافظة مرسى مطروح فى أكتوبر من عام 2015 -أى بعد سبعة أشهر من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى مارس 2015- لتعلن من خلاله عن المشاريع الاستثمارية المتاحة فى تلك المنطقة وجاء على رأسها فى ذلك اليوم الإعلان عن مشروع تنمية جرجوب. إلا أن العمل الفعلى فى مشروعات غرب مصر لم يبدأ إلا فى العام 2017 بعد انتهاء الدراسات الخاصة بها.
وليبدأ العمل من خلال تحالف شركات من القطاع الخاص، وبإشراف من القوات المسلحة المصرية، على ثلاث مراحل لمدة 10 سنوات، تنتهى الأولى منها فى العام 2021 بإذن الله، وعلى مساحة 250 ألف فدان بواجهة 50 كيلومتراً على ساحل البحر المتوسط، وبتكلفة تجاوز 10 مليارات دولار. ليشمل المشروع إنشاء ميناء ورصيف تجارى ومركز اقتصادى وسياحى عالمى، وإنشاء تجمع عمرانى يستوعب 40 مليون نسمة خلال الأربعين عاماً المقبلة، ومركز استشفاء ومنطقة لوجيستية ومنطقة صناعية ومزارع سمكية. ويستوعب 25 ألف فرصة عمل لأهالى المنطقة.
نعم.. كانت الرؤية حاضرة بفهم لواقع تم إهماله منذ سنوات بعيدة، فاقتصر على شريط ضيق قصير لمصايف القادرين من أهل بلادى سموه زوراً الساحل الشمالى، كان الوعد قسماً بالتطوير والنهضة خطوة بخطوة مع تعمير مصر كلها، فكما فى الشرق كان العمل فى الجنوب والشمال والغرب، كجزء من إدراك مفهوم التنمية الشامل لإكمال المشهد بتأمين المنطقة الغربية فى ظل تآمر دولى بدأ منذ عقود على المنطقة وانتهى إلى تفتيتها بدعم صهيونى لملالى فى إيران وإخوان لدينا. من هنا كانت قاعدة جرجوب العسكرية البحرية لتأمين المنطقة الشمالية الغربية من خطر أى تهديد للأمن والتنمية المصرية.
وهكذا يا سادة لا تقتصر الخطى فى بلادى على منطقة بعينها، ولكنها تسابق الزمن لصناعة مستقبل لا بد أن نهيىء له البنية التحتية لاستيعابه، فجرجوب مثلها مثل برنيس ورأس بناس على ساحل البحر الأحمر فى الجنوب مثل شرق بورسعيد فى سيناء، قواعد عسكرية مصرية لطالما سعت القوى العظمى لامتلاكها فى أراضينا، ولكننا أعلناها منذ سنوات أن أرض مصر للمصريين فقط. قواعد عسكرية لا تهدد إلا من تسول له نفسه لتهديد الأمن المصرى بكافة محاوره. قواعد تحمى المستقبل الذى نسعى له بسلام لمن يدرك معنى الكلمة.