بقلم: نشوى الحوفى
المتابعون لمسار الإدارات الأمريكية يعلمون أن لا فرق بين رئيس ديمقراطى يرفع شعار حمار، ورئيس جمهورى يرفع شعار فيل. فلا اختلاف بينهما إلا فى أسلوب التنفيذ. فكلاهما ينفذ سياسات الإدارة العليا للولايات المتحدة الأمريكية ولا يخرج عن سياقها. فدونالد ترامب «الجمهورى» حينما أعلن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل 2017 لم يفعل ما عجز عنه سابقوه كما أشاعوا، ولكنه نفذ قرار بيل كلينتون «الديمقراطى» الصادر فى 1996. وباراك أوباما «الديمقراطى» الذى ارتدى كل أقنعة السلام والديمقراطية، فكان قراره بتغيير العالم العربى وتمويل ما سموه ربيعه الثورى 2010 و2011، لم يكن أقل عنفاً من جورج دبليو بوش «الجمهورى» الذى أكمل خطوات والده فى إشاعة الفوضى بالحروب باسم الدين فى أفغانستان والعراق فى 2001 و2003.
ومن هنا يتابع العالم فى صمت -رغم طغيان أخبار سطوة كورونا- أخبار نتائج المراحل الأولى للانتخابات الأمريكية التى تجرى فى أوساط الحزب الديمقراطى عبر الولايات لإعلان مرشح الحزب الذى سينافس الرئيس الحالى دونالد ترامب فى انتخابات مقرر انعقادها يوم 3 نوفمبر 2020 لتحدد ساكن البيت الأبيض من 2021 إلى 2025.
المؤشرات تشير إلى اقتراب جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى الفترة من 2008-2016، من حسم أصوات المرشحين فى الانتخابات التمهيدية أمام منافسه الديمقراطى بيرنى ساندرز. فقد فاز بفارق واضح عليه مؤخراً فى انتخابات ولايات فلوريدا وإيلينوى وأريزونا. كما كان متوقعاً فوزه فى ولاية أوهايو لولا تأجيل سلطتها للانتخابات بها بسبب تفشى فيروس كورونا. بايدن يحظى اليوم بثقة حزبه على عكس عامَى 1988 و2008. ولكن السؤال لا يتعلق بقدرة بايدن على الفوز فى الانتخابات التمهيدية بل فى الانتخابات النهائية فى نوفمبر المقبل. فهل يفعلها بايدن؟
المؤشرات تمنح بايدن صاحب الوجه الهادئ المبتسم فى إدارة باراك أوباما فرصة عظيمة للفوز بالانتخابات الأمريكية المقبلة. لا ليغير سياسة الولايات المتحدة فى عهد ترامب ولكن ليكملها بأسلوب مختلف. وبخاصة فى ظل تعامل ترامب المخزى للأمريكان مع أزمة فيروس كورونا التى أوصلت الولايات المتحدة إلى مصاف الدول الثلاث الأولى فى عدد الإصابات فى ظل وضوح هشاشة النظام الصحى للبلد الأول عالمياً فى الاقتصاد والقوة العسكرية.
فبايدن المولود فى بنسلفانيا الأمريكية عام 1942 المشتغل بالمحاماة والمحترف للسياسة منذ دخوله مجلس الشيوخ عام 1972 وحتى العام 2009، مخضرم يمتلك من قدرات التفاوض على قضاياه الكثير حتى إن قويت قدرات مخالفيه. يذكر له الأمريكيون مواقفه كرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حينما عارض تدخل واشنطن فى حرب الخليج 1991، ودعوته لتدخل بلاده فى حرب البوسنة 1994، وتأييده قرار الحرب على العراق 2002. كما يذكر له سجله السياسى معارضته لعملية قتل بن لادن وهو نائب الرئيس فى 2011. بينما نجح، كما تقول التقارير، فى التصدى لقوانين مواجهة المخدرات ومنع الجريمة والحريات المدنية، وقاد الجهود التشريعية لإنشاء قانون مكافحة الجرائم العنيفة وإنفاذ القانون، وقانون مكافحة العنف ضد المرأة وقت عضويته فى مجلس الشيوخ. ووضع تشريعات كقانون إعانات الضرائب والتأمین ضد البطالة وخلق فرص العمل فى 2010 لحل أزمة الجمود الضریبى، وقانون مراقبة الموازنة لعام 2011 لعلاج أزمة سقف الدين، وقانون إعفاء دافع الضرائب الأمريكى لعام 2012.
أى إن الرجل يمتلك التاريخ والخبرة والكاريزما التى قد يحتاج لها المواطن الأمريكى بعد عواصف ترامب اليمينية التى لم تثر سوى زوبعات لم يستفد منها الأمريكان. فهل يهدى كورونا بايدن فرصة الفوز بالرئاسة؟ الاحتمالات تقول نعم بقوة لإعادة ترتيب الأوراق فى عالم ما بعد كورونا.