بقلم - نشوى الحوفى
توقفت أمام تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتينياهو أمام منظمة الإيباك الصهيونية الفاعلة بواشنطن مؤخراً.
الفيديو المسجل لرئيس الوزراء، الذى درس لغة الجسد وطريقة الحديث واستعراض المعلومات، لا يروج إلا لفكرة واحدة هى إسرائيل متعددة القوى المسالمة التى تسعى لخير البشرية جمعاء لا لحاملى جنسيتها فقط! فيديو يناسب المرحلة التى نحياها للأسف والتى باتت إسرائيل فيها هى الآمنة بينما ما حولها ينهار. هكذا يروجون ولكن الله غالب.
نتينياهو يؤكد أن إسرائيل لا تفعل غير الطيب فى الحياة! متجاهلاً مقتل 65 فلسطينياً منذ يناير الماضى برصاص جنوده لاعتراضهم على استيلائه على مدينة القدس واحتلال أراضيهم وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن عودة الحدود لما قبل 5 يونيو 1967. كما يتجاهل إعلان برلمانه إسرائيل كدولة دينية لا تختلف عن داعش أو الإخوان أو السلفيين.
ثم بدأ استعراض القوة الإسرائيلية بدءاً من قوة الجيش الإسرائيلى عارضاً لصور الطائرة «إف 35» الأمريكية ومنظومة القبة الحديدية للدفاع الجوى الإسرائيلى، مؤكداً أن ما يميز الجيش ليس السلاح فقط ولكن أقوى جهاز مخابرات فى العالم الذى نجح -على حد قوله- فى إنقاذ آلاف الأبرياء فى العالم من الإرهاب.
أتوقف مع حالة التفاخر تلك لأتذكر كيف أسقط الطيارون المصريون الطائرة الفانتوم بالميج الأقل كفاءة فى حرب الاستنزاف. وكيف كان حائط الصواريخ على القناة شباك اصطياد للطائرات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر 1973. ثم أتساءل إن كان الموساد المنقذ من الإرهاب فى العالم فأين كان من هجمات 11 سبتمبر فى أمريكا؟ أو حادث انفجار الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ فى نوفمبر 2015؟ أو تفجيرات باريس أو نيس فى 2015؟ أو ما يحدث من إرهاب فى سيناء؟
ثم ينتقل نتينياهو إلى قوة الاقتصاد الإسرائيلى القائم على التنوع، خاصة فى مجال تقنية المعلومات مؤكداً أن أهم 5 شركات فى العالم توجد بمكاتب أبحاث بإسرائيل وتستثمر بها وهى «جوجل ومايكروسوفت وآبل وفيس بوك وأمازون». وهنا نقول إن صناعة المعلومات باتت مربحة بشدة. يكفى أن نعلم أن أرباح بيع منتجات مايكروسوفت فى العام الماضى بلغت 85 مليار دولار وأن قيمة شركة آبل تجاوزت تريليون دولار. ما يعنى حاجتنا للدخول لعالم التكنولوجيا بقوة والاستثمار فيه، لا من باب البحث عن الربح وحسب ولكن من باب الاستفادة به فى الصناعة والزراعة وتقنيات المياه.
وهذا ما تحدث عنه نتينياهو فى الفيديو وكيف أن إسرائيل تستفيد من تلك الشركات فى عملية التزاوج بين المعلومات والذكاء الاصطناعى لتطوير الزراعة عارضاً لصورة حقل زراعى به مجسات تطير فوقه طائرة «درون» متصلة بقاعدة بيانات تلتقطها الطائرة لتحدد بعدها كمية الرى بالتنقيط والتسميد لكل نبتة فى الحقل. كما عرض لحقيقة امتلاك إسرائيل لتكنولوجيا المياه التى باتت تصدرها للعالم فتوفر المياه بالاستمطار وتعيد تدوير مياه الصرف بنسبة 90% من مياهها بينما الدولة التالية لها هى إسبانيا بنسبة 20%. ثم يعرض لقصة توفير إسرائيل المياه لدول أفريقيا التى تتمدد فيها إسرائيل منذ سنوات إثباتاً للنفوذ.
ومما سبق أقول إننا ما زلنا نخوض حرباً لم ولن تنتهى مع عدو بالوراثة، أحترم حديث القوة والتسليح وأُثمن لغة العلم والتكنولوجيا التى باتت قادرة على السيطرة على العالم فى كل المجالات. أتابع عدوى بمنطق الإدراك لما يفعل وبمنطق استيعاب الدرس للاستعداد لما هو آتٍ. نعم نحتاج لمعرفة العدو والاستعداد له... إنها حرب الوعى.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع