بقلم: نشوى الحوفى
فى منتصف 2018 تنبأ خبراء العالم بأزمة اقتصادية عنيفة تضرب الاقتصاد العالمى فى 2020. كانت النبوءة تؤكد أنها ستفوق فى آثارها أزمة 2008. كانت التحليلات الاقتصادية فى 2018 تتحدث عن تأثير السياسة على الاقتصاد بين العقوبات الأمريكية على إيران، واستمرار حروب الشرق الأوسط، والصراع الروسى الغربى بقيادة أمريكا، والحرب التجارية مع الصين.
ثم ودع 2019 العالم بالإعلان عن فيروس كورونا وظهوره فى مدينة ووهان الصينية المتخصصة فى صناعة السيارات والتكنولوجيا، وعلى الرغم من عدم الانتباه للفيروس وقتها، فإن واشنطن كانت الأسرع فى اتهام الصين بنشر الفيروس وإثارة الرعب منه عالمياً، فسبقت العالم بإصدارها قراراً فى 31 يناير الماضى بمنع أى أجنبى كان فى الصين فى الفترة من 16-31 يناير من دخول الولايات المتحدة. وبإعلان ثلاث شركات خطوط جوية أمريكية كبرى وقف رحلاتها الجوية إلى الصين. تصريحات واشنطن كانت تنشر الخوف فى العالم عبر الميديا من كورونا الصين، بينما فعلها الوقائى وفقاً لتصريحات مسئوليها كان الأقل بين الدول فى إجراء الفحوصات لمواطنيها للوقاية من المرض، فبينما كانت معدلات الفحص فى أمريكا 26 فرداً لكل مليون مواطن، كانت فى بريطانيا 4000 لكل مليون مواطن، و40 ألفاً لكل مليون مواطن فى كوريا الجنوبية. بل إن الرئيس الأمريكى صرح مؤخراً بأن العام 2019 شهد وفاة 37 ألف أمريكى من الإنفلونزا العادية دون أن تعلن الولايات المتحدة حالة الطوارئ التى أعلنها «ترامب» مساء الجمعة الماضى، بينما أن عدد وفيات المصابين بالفيروس فى الولايات المتحدة لم يتجاوز 41 حالة من بين 1920 إصابة؟!!
من هنا دعونا نتوقف أمام مقدمة هذا المقال وما تنبأوا به عن أزمة اقتصادية تضرب العالم منذ عامين. اتضحت ملامحها اليوم فى تقارير الصين التى أفلست فيها آلاف الشركات وتعرضت فيها آلاف أخرى للخسارة، حيث ذكر تقرير للأمم المتحدة حدوث انكماش بنسبة 2% فى إنتاج الصين أثر على مجمل انسياب الاقتصاد العالمى، ليتسبب حتى الآن فى انخفاض يقدر بنحو 50 مليار دولار أمريكى فى التجارة بين الدول.
كما أشار تقرير للأونكتاد نُشر على موقع الأمم المتحدة يوم 9 مارس الجارى إلى أن: «الصدمة التى يتسبب بها كورونا ستؤدى إلى ركود فى بعض الدول وستخفّض النمو السنوى العالمى هذا العام إلى أقل من 2.5%، وفى أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزاً فى الدخل العالمى بقيمة 2 تريليون دولار».
كما أشار التقرير لتصريحات ريتشارد كوزيل رايت، رئيس قسم العولمة والاستراتيجيات التنموية بالأونكتاد، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بجنيف يوم الاثنين الماضى، وقال فيها «إن العالم كان يحلل منذ سبتمبر الماضى ملامح أزمة قد تضرب اقتصاده بسبب الهشاشة المالية التى ظلت دون معالجة منذ أزمة عام 2008 واستمرار ضعف الطلب، إلا أن أحداً لم يتوقع ما يحدث الآن. فالقصة الأكبر -حسب تصريحاته- هى وجود عقد من الديون والوهم والانجراف السياسى». وتلك هى الأزمة التى يواجهها العالم اليوم عشر سنوات من الديون والوهم والمشكلات الاقتصادية التى بلورها فيروس كورونا الذى بات مهدداً بحدوث إفلاس واسع النطاق، كما يتحدث التقرير الأممى.
لا يمكن فصل هذا عن أحداث 12 مارس الجارى الذى وُصف بالأربعاء الأسود الذى شهد مواصلة سوق الأسهم الأمريكية والأوروبية السقوط فى فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والنمسا وهولندا بشكل وصف بأنه الأسوأ منذ يوم «الاثنين الأسود»، 19 أكتوبر 1987. لتتراجع ثروة أغنى 20 رجلاً فى العالم 78 مليار دولار فى يوم واحد.
ولذا فكورونا كغيره من الفيروسات ترتفع فيه نسب الوفيات لدى كبار السن ومرضى الأمراض الصدرية المزمنة، ولكنه لا يتحمل ما يشيعونه من فزع.