بقلم - نشوى الحوفى
منذ أيام أرسل لى أحد القراء سؤالاً استنكارياً طالباً منى إيجاد تفسير لما آل إليه من أخبار عن نية الحكومة الاستدانة من البنوك لسد بعض من عجز الموازنة، وسألنى أين المصانع ومزارع الاستزراع السمكى والمشروعات التى تتحدثين عنها؟، تصادف هذا مع إعلان تقرير صندوق النقد الدولى الخاص بوضع الاقتصاد المصرى والصادر عقب موافقة البنك منح مصر الشريحة الخامسة من القرض الدولى مؤخراً، بالإضافة إلى إصدار وكالة موديز للتصنيف الائتمانى تصنيفها للوضع الاقتصادى بمصر.
ونبدأ بتقرير الصندوق عن حال اقتصادنا، الذى ورد فى بيان رسمى منسوب إلى ديفيد ليبتون، نائب أول الرئيس التنفيذى لصندوق النقد، وبدأه بتحذير من تحديات الاقتصاد العالمى وتأثيرها على الاقتصاد المصرى، لكنه أشاد بتحسن اقتصادنا وبخاصة ما يتعلق بملف الدين والحساب الجارى والنمو القوى، مؤكداً حسب البيان، أن النظرة للاقتصاد المصرى إيجابية يدعمها الإصرار القوى على تطبيق السياسات. ربما ما يعنينى فى البيان هو الأرقام المذكورة فيه ومنها انخفاض نسبة الدين الحكومى مقارنة بالناتج القومى، حيث سجلت 92.6%، مشيراً إلى استهداف خفضها إلى 86% فى يونيو المقبل، بينما بلغت نسبة الدين الخارجى 34.4%، فى ذات الوقت الذى قدر فيه معدل التضخم بنحو 14%، أما نسبة العجز فى الموازنة فقد قدرها الصندوق بنحو 8.3%، كما ارتفع الاحتياطى من النقد الأجنبى بنسبة 34.2% متوقعاً تسجيله 44.9 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018-2019 بما يغطى 6.6 شهر من الواردات.
أما وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، فوفقاً لتقريرها المنشور على موقع رويترز، فقد حافظت على نظرتها الإيجابية للنظام المصرفى المصرى، مؤكدة فى تقريرها أن «البنوك المصرية ستظل قادرة على تدبير تمويل مستقر، يستند للودائع وحيازة أصول سائلة كبيرة الحجم وبخاصة بالجنيه المصرى»، مع توقعها ارتفاع النمو الاقتصادى فى مصر خلال 2019 بنسبة 5.5%، وبلوغه 5.8% فى العام 2020، مشيرة إلى أن هذا يحدث فى ظل الاستثمار فى القطاعين العام والخاص، وارتفاع الصادرات وتعافى السياحة.
ماذا يعنى ما سبق؟ يعنى ببساطة أن مصر التى كانت على حافة الهاوية فى اقتصادها حتى العام 2016 بدأت بالتعافى وتسير بخطى ثابتة فى طريق تحقيق تنمية اقتصادية، نعم ما زلنا نعانى بيروقراطية وفساداً يقاتلان الاستثمار والإصلاح الاقتصادى، كما أن المواطن البسيط لا يستشعر تلك الأرقام لأن ما يعنيه هو قدرته على توفير احتياجاته فى ظل غلاء وخطوات إصلاح ليست بالسهلة وفساد يواجهه فى حياته اليومية، ولكن يظل علينا الشرح والعرض لكل المستجدات وتوضيح الصورة كاملة للمواطنين.
فنحن وإن حققنا نمواً اقتصادياً بلغ 5.3% حتى الآن، وانخفاضاً فى عجز الموازنة واستقراراً فى بيئة الاستثمار فى مجالات الطاقة والغاز وتحسين البنية التحتية وإقامة عدد من المشروعات الضخمة التى ساعدت على تقليل البطالة، إلا أننا ما زلنا نسدد سنوياً نحو 800 مليار جنيه للديون المستحقة علينا فى فوائدها وأقساطها، وما زلنا نواجه ما تأخرنا فى القيام به على مدار سنوات طويلة مضت، فى ذات الوقت الذى تفرض آليات الحماية المجتمعية شروطها الحاسمة على ميزانية الدولة، سواء فى المعاشات أو الدعم، وفى ذات الوقت الذى لم تتغير فيه ثقافتنا الاستهلاكية والإنتاجية كمجتمع لم يدرك حتى تلك اللحظة أن عليه القتال على جبهة الإنتاج لا لزيادته وحسب ولكن لإجادته ليكون قادراً على المنافسة مع محيط إقليمه.
هكذا تسير قاطرة بلادى وفقاً لأرقام وتقارير العالم، وهكذا تسير تحديات الاقتصاد العالمى، وهكذا علينا أن نفهم المشهد كاملاً.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع