بقلم - نشوى الحوفى
بعيداً عن غياب صانع القرار عن مناقشات مؤتمر «مصر تستطيع بالتعليم»، بالغردقة، الذى نظمته وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، دعونى أنقل لكم بعضاً مما دار بين علماء وخبراء التعليم لنعى أهمية ذلك فى بناء الوطن والإنسان.
أتوقف عند عرض دكتورة ندى مجاهد، الذى بدأته بسؤال مفاده: «هل تخطط مصر لافتتاح فرع لجامعاتها فى الخارج؟ وهل نخطط ليكون التعليم الجامعى مساهماً فى الاقتصاد؟»، ثم أجابت بعرض نموذج موريشيوس، تلك الدولة الأفريقية الصغيرة المكونة من بعض الجزر فى المحيط الهندى والتى لا يتجاوز تعدادها مليوناً ونصف المليون، بينما 60% من دخلها القومى مصدره الإقبال على جامعاتها وتخطط لتكون مقصداً للتعليم الجامعى بحلول 2030. وأوضحت دكتورة ندى، مستشار وزير التعليم العالى بالبحرين، أن التصنيف العالمى للجامعات لا يعبر عن الإقبال عليها بدليل جامعات اليابان وكوريا الجنوبية، اللتين تحتلان المرتبتين التاسعة والعاشرة عالمياً إلا أن نسب الإقبال عليهما ضعيف لصعوبة اللغة. لتدرك أن التعليم الجامعى جزء من صلب الاستثمار إن أدركنا وسوّقنا لما نملك، خاصة أنه بحلول العام 2050 سيكون هناك 400 مليون طالب جامعى فى العالم.
أتوقف هنا للقول إنه لدينا شهادة النيل الدولية المصرية التى تنافس وتعادل الشهادات الدولية التى يدفع فيها المصريون والعرب والأفارقة مليارات. بينما لدينا شهادة دولية برؤية مصرية معتمدة من جامعة كمبريدج للمناهج والامتحانات. فهل لنا بتسويقها كنوع من الاستثمار التعليمى والسياسى؟
وأكمل معكم بعرض الدكتور المؤمن عبدالله ودكتورة هانم أحمد من اليابان. حيث تحدث دكتور المؤمن عن نقطة مهمة للغاية مفادها كيفية استخدام التعليم فى تغيير سلوك المجتمع، ضارباً المثل بالشعب اليابانى الذى كان منذ 100 عام مضرب الأمثال فى الاستهتار بالوقت وعدم احترامه! وكيف عمل التعليم عبر 40 سنة على تعديل تلك الصفة ليتحول اليابانى إلى مواطن يحترم المواعيد ويقدس العمل لأن التعليم هناك قائم على المعرفة وبناء الإنسان وتربيته وتقويم وتقييم سلوكه.
وجاء حديث دكتورة هانم أحمد، الملحق الثقافى المصرى بسفارة مصر باليابان، عن سلوكيات الطلاب فى المدارس اليابانية، وحكت قصة سور مدرسة كان بحالة سيئة فما كان من المدرسين إلا الاجتماع بالطلاب وعرض المشكلة وعمل مسابقة بينهم لتقديم أفضل رسم يتم رسمه على السور. وهو ما تم من دون استبعاد من لم يفُز، فأُسندت لهم مهام أخرى فى العمل كتنظيم مرور العربات وقت عمل الطلبة وتلوين ما تم رسمه ومناولة احتياجات العمل للعاملين وتنظيف المكان من حولهم.. بمعنى أن الكل يعمل فى فريق دون تقليل أو تهميش لعمل أو لشخص. ثم حديث دكتور هانى سويلم عن التعليم الفنى وأهميته وكيف أن أوروبا بها 300 كورس للتعليم الفنى فى كل مجالات صناعة الخبز وتصميم قصات الشعر والتزيين وتصميم الملابس. وتساءل: «هل نحتاج لهذا؟»، وأجاب: «بالطبع»، لأن اليوم يتحدث العالم عن الكفاءة والتجويد والمنافسة.
ودعونى أنقل لكم كلمات دكتور شريف صدقى، الرئيس التنفيذى لمدينة زويل، الذى أكد أن ثلثى الطلبة الحاصلين على مجموع أعلى من 90% فى الثانوية العامة بمصر يرسبون فى امتحانات القبول بجامعة زويل لكونهم «حافظين» من دون فهم، لا يمتلكون شخصية المبادرة أو العقل الناقد. مما سبق ندرك أنه يتحتم علينا مراجعة تلك القضايا وحساب خطوتنا فى عالم يموج فى ثنايا الثورة الصناعية الرابعة التى أعلنت الأمم المتحدة عن عجزها عن وضع معايير مهارات البشر المطلوبة للوظائف فى ظلها بحلول 2030!! وهو ما يعنى أن العالم يتغير ويجب أن ندرك ذلك بالتعليم.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع