بقلم: نشوى الحوفى
فى ظل التتابع السريع للأخبار وشوشرتها فى منطقتنا والعالم، يحار مَن هم مثلى فيما يجعله هدفاً للتوضيح أو النقاش، فتوالى الأزمات وترابطها وتكرارها بات مرعباً. دعونى أشارككم بعض ما كنت أسعى لاختياره موضوعاً وأترك لكم الخيار فى البحث.
هل أحكى عن أقاليم ليبيا الثلاثة التى صعدت لحديث الرئيس المصرى للمرة الأولى، ليضع الجميع أمام ما يخططون له منذ 2011 عسى أن يستحوا؟ أم أحكى عن اتفاقات الكواليس فى ليبيا، التى تصر أن تأخذ أضعاف ما تمنح فى العلن؟ هل أحكى عن البلطجة التركية، أم التفويض الأمريكى لها؟ أم أحكى عن الخيانة الأخوية على أرض المختار؟
هل أكتب عن اقتصاد لبنان الغارق فى الديون والفساد بديون تتجاوز 80 مليار دولار وتعداد سكانى 6.8 مليون نسمة؟ هل أحكى عن اشتعال الشارع اللبنانى على مدار الأيام الماضية بعد خبر بلوغ الدولار سبعة آلاف ليرة لبنانى رغم تحديده بقيمة 3500 ليرة فقد خلالها المواطن اللبنانى ثُلثى دخله؟ هل أحكى عن تصريح رئيس البنك المركزى اللبنانى الخاص بسحب 20 مليار دولار من احتياطى لبنان على مدار الأعوام الثلاثة الماضية لشراء سلع، على رأسها المازوت والدقيق، ولكنها لم تدخل لبنان، بل ذهبت إلى سوريا عن طريق حكومة حزب الله؟! هل أعلن خوفى مما يحدث فى لبنان ومن فوضى ودمار يتخفيان خلف الطائفية الغاضبة ليكون شرارة ما قالوا عليه حرباً صغيرة فى لبنان؟ هل أحكى عن مخاوف الجوع وتجدد شبح حرب أهلية من الماضى عند الكثيرين من أهل وطن الأرز؟
أم أحكى عن العراق الغارق فى احتلاله، وإن سمّوه حماية أمريكية منذ عام 2003، والمهموم بتقسيمه وإن سمّوه فيدرالية ثلاثية، والموجوع بفقره بنسبة قدروها عالمياً بنحو 40%، والظمآن بجفاف نهريه، وجدب واديهما فى دجلة والفرات. هل أحكى عن العراق منزوع الهوية العراقية، أم العراق الذى قسموا أرضه غنائم على إيران وتركيا وقواعد أمريكية وشركات إسرائيلية؟ هل أحكى عن المواطن الشاكى من زمن صدام حسين والباكى عليه اليوم؟
هل أحكى عن تقرير البنك الدولى من توقع إفلاس منطقة الخليج فى ظل أزمات النفط المتكررة، حيث تمثل إيرادات النفط من 70 إلى 90% من الدخل العام لدوله؟ أم أحكى عن الخليج الغارق فى مؤامرات بعضه على بعض؟ هل أحكى عن غياب الرؤية بما يجب أن تكون عليه الأيام المقبلة واستمرار الاعتماد على العم سام فى التأمين على حياة العروش واستقرار البلاد؟ هل أحكى عن استنزاف الموارد على السلاح؟ أم أحكى عن الاقتراض لصد الانهيار؟
هل أحكى عن سوريا التى يأكل كلها كلها؟ أم عن استمرار مقامرات الغرب والشرق والفرس والعثمانيين على أرضها؟ هل أحكى عن إرهاب أفقد المواطن ظله؟ أم عن اغتصاب أفقد وطناً عزه؟ عن ثورة جياع ومظاهرات تندد بسقوط بقايا نظام تذهب بسقوطه بقايا سوريا؟ أم عن استثمارات قومية لضمان استمرار فوضى سوريا؟
أم أحكى عن خطوات تقسيم يمنية فيدرالية يسعون لها لإنهاء حرب بدأوها بتحالف منذ 5 سنوات ولم ولن تنتهى رغم مجاعة ووباء سبق «كورونا» بعامين، فمص دماء اليمن السعيد وشحوم أهله؟ أم أحكى عن حرب وكالة طالما حذرت بلادى منها، صارخة دون جدوى :«الحل سياسى يا قوم»؟
أم أحكى عن مغرب عربى يسيطر على أنفاسه تنظيم الإخوان؟ فيحكم فى تونس باستعلاء وفى الجزائر بخفاء وفى المغرب باتفاق يضمن بقاء المُلك والملكية؟ أم أحكى عن خلافات المغرب العربى بين صحراء وحدود ومصالح؟ أم أحكى عن اقتصاد هالك ورؤى متقطعة الأنفاس لم تمنح شعوبها بعد أملاً فى المستقبل؟
أم أكرر كتاباتى عما تواجهه بلادى فى ليبيا وهى المهمومة بأمنها الاستراتيجى وقوميتها العربية؟ هل أحكى عن الواقع الذى تسعى اليوم فيه البلطجة الدولية لفرض إرادتها على بلادى فى محيطها الاستراتيجى بوكلاء الحروب ونهش الثروات والأوطان والعقول أيضاً بالمسخ؟ أم عن إصرار على بناء رغم تحديات فيروس واقتصاد وإرهاب؟
ما أكثر حكاوينا الحزينة الموجعة التى تدفع للتساؤل: هل ما زال الأسوأ لم يأت بعد؟